خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً
٩٧
-الإسراء

محاسن التأويل

{ ومن يهد الله } أي: إلى الحق بما جاء من قبله إلى الهدى: { فهو المهتد ومن يضلل } أي: يخلق فيه الضلال بسوء اختياره، كهؤلاء المعاندين: { فلن تجد لهم أولياء من دونه } أي: أنصاراً يهدونهم ويحفظونهم من قهره، وإنما أوثر ضمير الجماعة في ( لهم ) حملاً على معنى ( من ) وأوثر في ما قبله الإفراد، حملاً على اللفظ. وسر الاختلاف في المتقابلين الإشارة إلى وحدة طريق الحق، وقلة سالكيه، وتعدد سبل الضلال وكثرة الضلال: { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } أي: يسحبون عليها كقوله: { { يوم يسحبون في النار على وجوههم } [القمر: 48].
وقال القاشاني: أي: ناكسي الرؤوس لانجذابهم إلى الجهة السفلية! وعلى وجوداتهم وذواتهم التي كانوا عليها في الدنيا. كقوله ( كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون ) إذ ( الوجه ) يعبر به عن الذات الموجودة مع جميع عوارضها ولوازمها. أي: على الحالة الأولى من غير زيادة ونقصان. وقوله تعالى: { عمياً وبكماً وصماً } أي: كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق، ويتصامون عن استماعه؛ فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقر أعينهم، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم، ولا ينطقون بما يقبل منهم:
{ { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى } [الإسراء: 72]. كذا في " الكشاف ".
{ مأواهم جهنم كلما خبت } أي: سكن لهيبها، بأن أكلت جلودهم ولحومهم: { زدناهم سعيراً } أي: توقداً. بأن نبدل جلودهم ولحومهم، فتعود ملتهبة مستعرة.
قال الزمخشري: كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء، جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها وتفنيها، ثم يعيدها. لا يزالون على الإفناء والإعادة ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم البعث. ولأنه أدخل في الانتقام من الجاحد. وقد دل على ذلك بقوله:
{ ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنا عظاماً ... }.