خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ
٤٦
-الحج

محاسن التأويل

{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا } أي: أهل مكة في تجارتهم: { فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ } أي: بما يشاهدونه من مواد الاعتبار: { قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } أي: ما يجب أن يعقل من التوحيد: { أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } أي: ما يجب أن يسمع من الوحي والتخويف: { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الضمير في فإنها للقصة. أو مبهم يفسره الأبصار. والمعنى: ليس الخلل في مشاعرهم، وإنما هو في عقولهم باتباع الهوى والانهماك في الغفلة. وفائدة ذكر الصدور هو التأكيد مثل: { { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ } [آل عِمْرَان: 167]، و: { { طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } [الأنعام: 38]، إلا أنه لتقرير معنى الحقيقة، وهنا لتقرير معنى المجاز.
وقال الزمخشري: الفائدة زيادة التصوير والتعريف وعبارته: الذي قد تعورف واعتقد؛ أن العمى على الحقيقة مكانه البصر، وهو أن تصاب الحدقة بما يطمس نورها. واستعماله في القلب استعارة ومثل. فلما أريد إثبات ما هو خلاف المعتقد من نسبة العمى إلى القلوب حقيقة، ونفيه عن الأبصار، احتاج هذا التصوير إلى زيادة تعيين وفضل تعريف، ليتقرر أن مكان العمى هو القلوب لا الأبصار. كما تقول: ليس المضاء للسيف، ولكنه للسانك الذي بين فكيك، فقولك: الذي بين فكيك تقرير لما ادعيته للسانه، وتثبيت. لأن محل المضاء هو هو لا غير. وكأنك قلت: ما نفيت المضاء عن السيف. وأثبته للسانك، فلتة ولا سهواً مني، ولكن تعمدت به إياه بعينه تعمداً.