{ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ } الإشارة إلى نفس السورة. والقرآن عبارة عن الكل أو عن الجميع المنزل. أي: تلك السورة آيات القرآن الذي عرف بعلوّ الشأن. وآيات كتاب عظيم المقدار، مبين لما تضمنه من الحكم والأحكام والمواعظ والاعتبار { هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } أي: هو هدى من الضلالة، وبشرى برحمة الله ورضوانه، لمن آمن وعمل صالحاً من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وأيقن بالآخرة، والجزاء على الأعمال خيرها وشرها.
لطيفة:
تكرير الضمير لإفادة الحصر والاختصاص على ما في "الكشاف".
ولصاحب " الانتصاف " وجه آخر قال: لما كان أصل الكلام , وهم يوقنون بالآخرة , ثم قدم المجرور على عامله، عناية به، فوقع فاصلاً بين المبتدأ والخبر، فأريد أن يلي المبتدأ خبره، وقد حال المجرور بينهما، فطرّى ذكره ليليه الخبر، ولم يفت مقصود العناية بالمجرور حيث بقي على حاله مقدماً: ولا يستنكر أن تعاد الكلمة مفصولة له وحدها، بعد ما يوجب التطرية. فأقرب منها أن الشاعر قال:
سَلْ ذُو وَعَجِّلْ ذَا وَأَلْحِقْنَا بِذَا الـ شَّحْمِ، إِنَّا قَدْ مَلَلْنَاهُ بِخَلّ
والأصل وألحقنا بذا الشحم فوقع منتصف الرجز أو منتهاه على القول بأن مشطور الرجز بيت كامل عند اللام. وبنى الشاعر على أنه لا بد، عند المنتصف أو المنتهى، من وقيفة ما. فقدر بتلك الوقفة بُعْداً بين المعرّف وآلة التعريف. فطرّاها ثانية. فهذه التطرية لم تتوقف على أن يحول بين الأول وبين المكرّر ولا كلمة واحدة، سوى تقديره وقفة لطيفة لا غير.
ثم قال: فتأمل هذا الفصل فإنه جدير بالتأمل. والله أعلم.
ثم تأثر أحوال المؤمنين بأحوال الكفرة، بقوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ..... }.