{ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ } أي: بدعوى الألوهية لنفسه، ونفيها عن الله تعالى، وقصد الاطلاع إلى الله سبحانه، وادعاء العمل الكليّ لنفسه مع جهله بربه: { وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي: بل بالفساد وردّ الحق، والصدّ عن سبيل الله: { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ } بضم الياء وفتحها قراءتان: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً } أي: يلعنهم كل مؤمن يسمعهم: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } أي: من المطرودين، المبعدين: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } أي: أنواراً للقلوب: { وَهُدىً } أي: إلى الاعتقادات الصحيحة ودلائلها: { وَرَحْمَةً } أي: بالإرشاد إلى العمل الصالح: { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي: فيتعظون به ويهتدون بسببه.
ثم أشار تعالى إلى كون التنزيل وحياً من علاّم الغيوب، ببيان أنه ما فصّل من هذه الأنباء [في المطبوع: الأنبياء] لا يتسنى إلا بالمشاهدة أو التعلم، وكلاهما معلوم الانتفاء، فتحقق صدق الإيحاء. وذلك قوله سبحانه: { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ.... }.