خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٤١
إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٤٢
وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ
٤٣
خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ
٤٤
-العنكبوت

محاسن التأويل

{ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً } أي: تعتمد على قوته وتظنه محيطاً بها، دافعاً عنها الحرّ والبرد: { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ } أي: أضعفها: { لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ } أي: لأنه لا يحتمل مسّ أدنى الحيوانات وأضعف الرياح. ولا يدفع شيئاً من الحرّ والبرد. وهذا مثلهم: { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } أي: شيئاً ما. أو إن أولياءهم أوهى [في المطبوع: أوهي] من ذلك ثم الغرض من التشبيه هو تقرير وهن دينهم، وإنه بلغ الغاية فيه، وهو إما تشبيه مركب من الهيئة المنتزعة، فمدار قطب التمثيل على أن أولياءهم بمنزلة نسج العنكبوت في ضعف الحال وعدم الصلاحية للاعتماد. وعلى هذا فقوله: { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ } تذييل يعرّف الغرض من التشبيه. وقوله: { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } إيغال في تجهيلهم. لأنهم لا يعلمونه مع وضوحه لدى من له أدنى مسكة. وإما أن يكون من تشبيه المفرد، لأن المقصود بيان حال العابد والمعبود. وفي الآية لطائف بيانية ذكرت في المطولات. وقوله: { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } بالياء والتاء في تدعون قراءتان. وما إما استفهامية منصوبة بيدعون ومن الثانية للتبيين. أو نافية ومن مزيدة. وشيء مفعول تدعون أو مصدرية بمعنى الدعوة وشيء مصدر بمعناه أيضاً. أو موصولة مفعول ليعلم ومفعول يدعون عائده المحذوف. والكلام على الأولين تجهيل لهم وتوكيد للمثل. وعلى الآخرين وعيد لهم. أفاده القاضي: { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ } يعني هذا المثل ونظائره في التنزيل: { نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي: ليقرب ما بعد من أفهامهم. فإن الأمثال والتشبيهات طرق تبرز فيها المعاني المحتجبة للأفهام: { وَمَا يَعْقِلُهَا } أي: يدرك حسنها وفوائدها: { إِلَّا الْعَالِمُونَ } أي: الراسخون في العلم الكاملون فيه. وعن عَمْرو بن مرة قال: ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها، إلا أحزنني. لأني سمعت الله تعالى يقول: { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }: { خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ } أي: محقّاً مراعياً للحكم والمصالح، مقدساً عن أن يقصد به باطلاً. فالباء للملابسة، والجار والمجرور حال. وهذا كقوله تعالى: { { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ } [الدخان: 38]، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ }.