خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
١٦٤
-آل عمران

محاسن التأويل

{ لَقَدْ مَنَّ اللّهُ } أي: أنعم: { عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ } أي: من جنسهم، عربياً مثلهم، ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته، والانتفاع به، ولما لم ينتفع بهذا الإنعام إلا أهل الإسلام خصوا بالذكر، وإلا فبعثته صلى الله عليه وسلم إحسان إلى العالمين، كما قال تعالى: { { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107]: { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } يعني القرآن بعد ما كانوا أهل جاهلية، لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي: { وَيُزَكِّيهِمْ } أي: يطهرهم من الذنوب والشرك بدعوته: { وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ } أي: القرآن: { وَالْحِكْمَةَ } أي: السنة: { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ } أي: من قبل بعثته صلى الله عليه وسلم وتزكيته: { لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } أي: ظاهر من عبادة الأوثان، وأكل الخبائث، وعدوان بعضهم على بعض، وسواها، فنقلوا ببعثته صلى الله عليه وسلم من الظلمات إلى النور، وصاروا أفضل الأمم في العلم والزهد والعبادة، فعظمت المنة لله تعالى عليهم بذلك. قال الرازي: وفي قوله تعالى: { مِّنْ أَنفُسِهِمْ } وجه آخر من المنة، وذلك أنه صار شرفاً للعرب، وفخراً لهم، كما قال سبحانه: { { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ } [الزخرف: 44]. وذلك لأن الافتخار بإبراهيم عليه السلام كان مشتركاً فيه بين اليهود والنصارى والعرب، ثم إن الأولين كانوا يفتخرون بموسى وعيسى والتوراة والإنجيل. فما كان للعرب ما يقابل ذلك. فلما بعث الله محمداً، وأنزل عليه القرآن، صار شرف العرب ذلك زائداً على شرف جميع الأمم.
ثم كرر عليهم سبحانه أن هذا القول أصابهم إنما أتوا فيه من قبل أنفسهم وبسبب أعمالهم فقال:
{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ ... }.