{ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ } أي قلبوها للزراعة، واستخراج المعادن، وغيرهما، مما كانوا أرقى فيه من أهل مكة: { وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } أي: بالأبنية المشيدة، والصناعات الفريدة، ووفرة العَدد والعُدد، وتنظيم الجيوش , والتزيّن بزخارف أُعجبوا بها، واستطالوا بأبهتها، ففسدت ملكاتهم، وطغت شهواتهم، حتى اقتضت حكمته تعالى إنذارهم بأنبيائهم، كما قال: { وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ } أي: الآيات الواضحات على حقيقة ما يدعونهم إليه: { فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } أي: فكذبوهم فأهلكهم، فما كان الله ليهلكهم من غير جرم منهم: { وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا } أي: عملوا السيئات: { السُّوأَى } أي: العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة، وهي جهنم، و: { السُّوأَى } تأنيث الأسوأ، وهو الأقبح، كما أن الحسنى تأنيث الأحسن ثم علل سوء عاقبتهم بقوله تعالى: { أَنْ } أي: لأن: { كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُو ن *اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْق } أي: ينشئهم: { ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي: بعد الموت بالبعث: { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: إلى موقف الحساب والجزاء: { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ } أي: يسكتون متحيرين يائسين. يقال أبلس، إذا سكت وانقطعت حجته.