خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
١٩
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ
٢٠
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
-الروم

محاسن التأويل

{ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ } أي: كالْإِنْسَاْن من النطفة، والطائر من البيضة: { وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } كالنطفة والبيضة من الحيوان: { وَيُحْيِي الْأَرْض } أي: بالنبات: { بَعْدَ مَوْتِهَا } أي: يبسها: { وَكَذَلِك } أي: ومثل ذلك الإخراج: { تُخْرَجُونَ } أي: من قبوركم.
وقال المهايمي: أي: بالصلاة عن موت القلب إلى حياته، ومن حياة النفس إلى موتها. ويحيي أرضها بنبات الهيئات الفاضلة، بعد موتها بالهيئات الرديئة. وبالعكس بتركها. وآثر هذا المعنى، على بعده، مراعاة لسياق الآية، ومن طريق الإشارة: { وَمِنْ آيَاتِهِ } أي: الباهرة الدالة على قدرته على البعث: { أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ } أي: يعني أصلكم آدم عليه السلام , أو النطفة والمادة , أو على تقدير مضاف؛ أي: ولا مناسبة بين التراب وبين ما أنتم عليه في ذاتكم , وصفاتكم: { ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } أي: في الأرض انتشاراً ملأ البسيطة وشمل الكرة، فأخذتم في بناء المدائن والحصون، والسفر في أقطار الأقاليم، وركوب متن البحار، والدوران حول كرة الأرض، وكسب الأموال وجمعها، مع فكرة ودهاء، ومكر وعلم، واتساع في أمور الدنيا والآخرة، كلٌّ بحسبه. فسبحان من خلقهم وسيرهم، وصرفهم في فنون المعايش وفاوت بينهم في العلوم والمعارف، والحسن والقبح، والغنى والفقر، والسعادة والشقاوة.
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي: جنسكم: { أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا } أي: تأنسوا بها. فإن المجانسة من دواعي التضام والتعارف: { وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } أي: تواداً وتراحماً بعصمة الزواج، بعد أن لم يكن لقاء ولا سبب يوجب التعاطف من قرابة أو رحم: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي: في بدائع هذه الأفاعيل المتينة المبنية على الحكم البالغة.