خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ
١٠
هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً
١١
وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً
١٢
وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَٱرْجِعُواْ وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً
١٣
-الأحزاب

محاسن التأويل

{ إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } أي: من أعلى الوادي وأسفله، بقصد التحزب على أن يكونوا جملة واحدة على استئصال النبي صلّى الله عليه وسلم، وصحبه: { وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ } أي: مالت عن سننها ومستوى نظرها، حيرة وشخوصاً: { وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } أي: منتهى الحلقوم؛ لأن بالفزع تنتفخ الرئة فترتفع، وبارتفاعها ترتفع القلوب، وذلك من شدة الغم. أو هو مثل في اضطراب القلوب { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا } أي: أنواع الظنون المختلفة: { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ } أي: اختبروا ليتميز الثابت من المتزلزل، والمؤمن من المنافق: { وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً } أي: أزعجوا أشد الإزعاج من شدة الخوف والفزع، أو من كثرة الأعداء.
فائدة:
قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر: { الظُّنُوْنَاْ } بإثبات ألف بعد النون، وبعد لام الرسول، في قوله:
{ { وَأَطَعْنَا الرَّسُوْلَا } [الأحزاب: 66]، ولام السبيل، في قوله: { { فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } [الأحزاب: 67]، وصلاً ووقفاً، موافقة للرسم؛ لأن هذه الثلاثة رسمت في المصحف، كذلك، وأيضاً فإن هذه الألف تشبه هاء السكت لبيان الحركة. وهاء السكت تثبت وقفاً للحاجة إليها، وقد ثبتت وصلاً إجراء للوصل مجرى الوقف. فكذلك هذه الألف.
وقرأ أبو عَمْرو وحمزة بحذفها في الحالتين؛ لأنها لا أصل لها، وقولهم: أجريت الفواصل مجرى القوافي. غير معتدٍّ به؛ لأن القوافي يلزم الوقف عليها غالباً، والفواصل لا يلزم ذلك فيها، فلا تشبه بها، والباقون بإثباتها وقفاً، وحذفها وصلاً، إجراء للفواصل مجرى القوافي، في ثبوت ألف الإطلاق، ولأنها كهاء السكت، وهي تثبت وقفاً، وتحذف وصلاً. أفاده السمين. ثم أشار تعالى إلى ظهر من المنافقين في تلك الشدة، بقوله سبحانه: { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي: شبهة، تنفساً بما يجدونه من الوسواس في نفوسهم، وفرصة لانطلاق ألسنتهم، بما تكنّ صدورهم؛ لضعف إيمانهم وشدة ما هم فيه من ضيق الحال، وحصر العدّو لهم: { مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ } أي: من النصر: { إِلَّا غُرُوراً } أي: باطلا: { وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ } أي: المنافقين: { يَا أَهْلَ يَثْرِبَ } وهي أرض المدينة: { لَا مُقَامَ لَكُمْ } بضم الميم وفتحها، قراءتان؛ أي: لا إقامة لكم بعد اليوم بالمدينة، أو نواحيها لغلبة الأعداء: { فَارْجِعُوا } أي: إلى منازلكم من المدينة هاربين، أو فارجعوا عن الإسلام كفاراً ليمكنكم المقام.
فائدة:
"يثرب" من أسماء المدينة. كما في "الصحيح":
"أريت في المنام دارَ هجرتكم، أرض بين حرتين، فذهب وهلى أنها هجر، فإذا هي يثرب" وفي لفظ: "المدينة" .
قال ابن كثير: فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن البراء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى، إنما هي طابة هي طابة" . تفرد به الإمام أحمد، وفي إسناده ضعف. انتهى { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ } أي: في الرجوع: { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } أي: غير حصينة يخشى عليها: { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً }.