{ وَلَوْ دُخِلَتْ } أي: يثرب: { عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا } أي: بأن دخل عليهم العدوّ من سائر جوانبها، وأخذ في النهب والسلب: { ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ } أي: الرجعة إلى الكفر: { لَآتَوْهَا } أي: لفعلوها: { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً } أي: وما توقفوا بإعطائها إلا ريثما يكون السؤال والجواب؛ أي: فهم لا يحافظون على الإيمان ولا يستمسكون به، مع أدنى خوف وفزع. وهذا منتهى الذم لهم، ثم ذكّرهم تعالى بما كانوا عاهدوه من قبل بقوله: { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ } أي: من قبل هذا الخوف: { لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّه ِمَسْؤُولاً } أي: عن الوفاء به: { قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ } أي: لأنه لا يؤخر آجالهم , ولا يطوّل أعمارهم. بل ربما كان ذلك سبباً في تعجيل أخذهم غرة انتقاماً منهم، ولهذا قال: { وَإِذاً } أي: فررتم: { لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً } أي: في الدنيا بعد فراركم، أو لأنهم فقدوا بذلك حظهم الأخروي، فمهما متعوا في الدنيا، فإنه قليل بجانب نعيم الآخرة للصابرين.