خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
٤٣
-الأحزاب

محاسن التأويل

{ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ } استئناف جار مجرى التعليل لما قبله من الأمرين؛ فإن صلاته تعالى عليهم، مع عدم استحقاقهم لها وغناه عن العالمين، مما يوجب عليهم المداولة على ما يستوجبه تعالى عليهم من ذكره تعالى وتسبيحه. أفاده أبو السعود.
وقال ابن كثير: هذا تهييج إلى الذكر؛ أي: أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم؛ كقوله عز وجل:
{ { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } [البقرة: 151 - 152]. انتهى.
والصلاة: الرحمة والعطف. والمعنى: هو الذي يترحم عليكم ويترأف، حيث يدعوكم إلى الخير، ويأمركم بإكثار الذكر، والتوفر على الصلاة والطاعة: { لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ } أي: ظلمة الكفر والمعاصي والشبهات ومساوئ العادات: { إِلَى النُّورِ } أي: نور الإيمان والسنة والطاعة، ومحاسن الأخلاق: { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } أي: حيث لم يتركهم يتخبطون في عمياء الضلالة والجهالة، بل أنار لهم السبل وأوضح لهم المعالم. وذكر الملائكة تنويهاً بشأنهم وشأن المؤمنين، وأن للملأ الأعلى عناية وعطفاً وترحماً، بالاستغفار والدعاء والثناء على الجميل؛ كقوله تعالى:
{ { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } [غافر: 7 - 9] الآية.