خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
٦٩

محاسن التأويل

{ مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ } أي: فإن إخباره عن محاورة الملائكة، وما جرى بينهم، على ما ورد في الكتب المتقدمة، من غير سماع ومطالعة كتاب، لا يتصور إلا بالوحي.
قال القاشاني: وفرق بين اختصام الملأ الأعلى، واختصام أهل النار بقوله في تخاصم أهل النار: { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ } وفي اختصام الملأ الأعلى: { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } لأن ذلك حقيقي لا ينتهي إلى الوفاق أبداً، وهذا عارضيّ نشأ من عدم اطلاعهم على كمال آدم عليه السلام، الذي هو فوق كمالاتهم، وانتهى إلى الوفاق عند قولهم:
{ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا } [البقرة: 32]، وقوله تعالى: { { أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [البقرة 33]، على ما ذكر في البقرة عند تأويل هذه القصة. انتهى.
وبالجملة، فالاختصام المذكور في الآية، هو المشار إليه في قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة: 30]، قال الرازي: وهو أحسن ما قيل فيه.
ثم قال: ولو قيل: كيف جازت مخاصمة الملائكة معه تعالى؟ قلنا: لا شك أنه جرى هناك سؤال وجواب، وذلك يشابه المخاصمة والمناظرة، والمشابهة علة لجواز المجاز، فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة عليه. انتهى.
وملخصه: أن: { يَخْتَصِمُونَ } استعارة تبعية لـ: يتقاولون. وقيل: معنى الآية، نفي علم الغيب عنه صلّى الله عليه وسلم، ورد اقتراحهم عليه أن يخبرهم بما يحدث في الملأ الأعلى من التخاصم، كقوله تعالى:
{ { قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } [الأنعام 50]، وقوله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الملك: 26]، ولذا قال بعد: { إِن يُوحَى إِلَيَّ... }.