مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
٥٨
-النساء
أضف للمقارنة
محاسن التأويل
{ إِنّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع.
قال أبو السعود: في تصدير الكلام بكلمة التحقيق وإظهار الاسم الجليل وإيراد الأمر على صورة الإخبار، من الفخامة وتأكيد وجوب الامتثال به والدلالة على الاعتناء بشأنه ما لا مزيد عليه، وهو خطاب يعم حكمه المكلفين قاطبة، كما أن الأمانات تعم جميع الحقوق المتعلقة بذممهم: من حقوق الله تعالى وحقوق العباد، سواء كانت فعلية أو قولية أو اعتقادية، وإن ورد في شأن عثمان بن طلحة. انتهى.
أي لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما تقرر في الأصول، وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها، الأبرار منهم والفجار، كما قال ابن المنذر.
وفي حديث سمرة: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ "
، رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
قال الحافظ ابن كثير: وَقَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي شَأْن عُثْمَان بْن طَلْحَة بْن أَبِي طَلْحَة وَاسْم أَبِي طَلْحَة عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْعُزَّى بْن عُثْمَان بْن عَبْد الدَّار بْن قُصَيّ بْن كِلَاب الْقُرَشِيّ الْعَبْدَرِيّ حَاجِب الْكَعْبَة الْمُعَظَّمَة، وَهُوَ اِبْن عَمّ شَيْبَة بْن عُثْمَان بْن أَبِي طَلْحَة الَّذِي صَارَتْ الْحِجَابَة فِي نَسْله إِلَى الْيَوْم.
أَسْلَمَ عُثْمَان هَذَا فِي الْهُدْنَة بَيْن صُلْح الْحُدَيْبِيَة وَفَتْح مَكَّة، هُوَ وَخَالِد بْن الْوَلِيد وَعَمْرو بْن الْعَاصِ، وَأَمَّا عَمّه عُثْمَان بْن طَلْحَة بْن أَبِي طَلْحَة، فَكَانَ مَعَهُ لِوَاء الْمُشْرِكِينَ يَوْم أُحُد وَقُتِلَ يَوْمئِذٍ كَافِراً.
وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذَا النَّسَب لِأَنَّ كَثِيراً مِنْ الْمُفَسِّرِينَ قَدْ يَشْتَبِه عَلَيْهِ هَذَا بِهَذَا.
وَسَبَب نُزُولهَا فِيهِ لَمَّا أَخَذَ مِنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاح الْكَعْبَة يَوْم الْفَتْح ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي غَزْوَة الْفَتْح حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه أَبِي ثَوْر عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ بِمَكَّة وَاطْمَأَنَّ النَّاس، خَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ سَبْعاً عَلَى رَاحِلَته يَسْتَلِم الرُّكْن بِمِحْجَنٍ فِي يَده، فَلَمَّا قَضَى طَوَافه دَعَا عُثْمَان بْن طَلْحَة فَأَخَذَ مِنْهُ مِفْتَاح الْكَعْبَة فَفُتِحَتْ لَهُ، فَدَخَلَهَا فَوَجَدَ فِيهَا حَمَامة مِنْ عِيدَان فَكَسَرَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ طَرَحَهَا ثُمَّ وَقَفَ عَلَى بَاب الْكَعْبَة وَقَدْ اِسْتَكَفَّ لَهُ النَّاس فِي الْمَسْجِد.
قَالَ اِبْن إِسْحَق: فَحَدَّثَنِي بَعْض أَهْل الْعِلْم
"أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى بَاب الْكَعْبَة فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ، صَدَقَ وَعْده، وَنَصَرَ عَبْده، وَهَزَمَ الْأَحْزَاب وَحْده، أَلَا كُلّ مَأْثُرَة أَوْ دَم أَوْ مَال يُدْعَى فَهُوَ تَحْت قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا سِدَانة الْبَيْت وَسِقَايَة الْحَاجّ "
.
وَذَكَرَ بَقِيَّة الْحَدِيث فِي خُطْبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ، إِلَى أَنْ قَالَ:
"ثُمَّ جَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَمِفْتَاح الْكَعْبَة فِي يَده فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه اِجْمَعْ لَنَا الْحِجَابَة مَعَ السِّقَايَة، صَلَّى اللَّه عَلَيك، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ عُثْمَان بْن طَلْحَة؟ فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ [ لَهُ ]: هَاكَ مِفْتَاحك يَا عُثْمَان، الْيَوْم يَوْمُ بِرٍّ وَوَفَاء "
.
وروى اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن جُرَيْج فِي الْآيَة قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَان بْن أبي طَلْحَة، قَبَضَ مِنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاح الْكَعْبَة، وَدَخَلَ به الْبَيْت يَوْم الْفَتْح، فَخَرَجَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَة: { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } فَدَعَا عُثْمَان إِلَيْهِ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاح.
قَالَ: وَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب ( لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْكَعْبَة وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَة: { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } فِدَاهُ أَبِي وَأُمِّي، مَا سَمِعْته يَتْلُوهَا قَبْل ذَلِكَ.
قال السيوطيّ: ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة. انتهى.
وعن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حَوْشَب أن هذه الآية نزلت في الأمراء، يعني الحكام بين الناس.
وقال السيوطيّ في " الإكليل ": في هذه الآية وجوب رد كل أمانة من وديعة وقراض وقرض وغير ذلك، واستدل المالكية، بعموم الآية، على أن الحربي إذا دخل دارنا بأمان فأودع وديعة ثم مات أو قتل، إنه يجب رد وديعته إلى أهله، وأن المسلم إذا استدان من الحربي بدار الحرب ثم خرج، يجب وفاؤه، وأن الأسير إذا ائتمنه الحربي على شيء لا يجوز له أن يخونه، وعلى أن من أودع مالاً وكان المودع خانه قبل ذلك، فليس له أن يجحده كما جحده، ويوافق هذه المسألة حديث:
" أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ "
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، في هذه الآية قال: مبهمة للبر والفاجر، يعني عامة.
وقد أخرج ابن جرير وغيره أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، لما أخذه النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم من عثمان بن طلحة، واختار ما رواه عليّ وغيره أنها خطاب لولاة المسلمين، أمروا بأداء الأمانة لمن ولوا عليهم، فيستدل بالآية على أن على الحكام والأئمة ونظار الأوقاف أداء الحقوق المتعلقة بذممهم من توليه المناصب وغيرها إلى من يستحقها، كما أن قوله تعالى: { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } أمرٌ لهم بإيصال الحقوق المتعلقة بذمم الغير إلى أصحابها، وحيث كان المأمور بِهِ هُنا بههنا مختصاً بوقت المرافعة، قيد به، بخلاف المأمور به أولاً، فإنه لما لم يتعلق بوقت دون وقت أطلق إطلاقاً، وأصل العدل هو المساواة في الأشياء، فكل ما خرج من الظلم والاعتداء سمي عدلاً.
روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" إن الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَن يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ "
.
وروى الترمذيّ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْنَاهُمْ عِنْدهُ مَجْلِساً: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَأَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْهُ مَجْلِساً إِمَامٌ جَائِرٌ "
.
وروى الحاكم والبيهقيّ بسند صحيح عن ابن أبي أوفى عن رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" إن الله تعالى مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار تبرأ الله منه وألزمه الشيطان "
.
قال الإمام ابن تيمية - رَضِي اللّهُ عَنْهُ - في رسالته " السياسة الشرعية " بعد الخطبة: هذه الرسالة مبنية عل آية الأمراء في كتاب الله تعالى، وهي قوله تعالى: { إِنّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } الآية.
قال العلماء: نزلت في ولاة الأمور عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، ثم قال: وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها: والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة، ثم قال: أما أداء الأمانات فيه نوعان:
أحدهما: الولايات وهو كان سبب نزول الآية، فإن النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم لما فتح مكة وتسلم مفاتيح الكعبة من بني شيبة وطلبها العباس ليجمع له بين سقاية الحاج وسدانة البيت فأنزل الله هذه الآية، فرد مفاتيح الكعبة إلى بني شيبة، فيجب على وليّ الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل.
قال النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" من وَلِيَ من أمر المسلمين شيئاً، فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين "
. رواه الحاكم في صحيحه.
وفي رواية:
" من قلد رجلاً عملاً على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين "
.
وقال عُمَر بن الخطاب - رَضِي اللّهُ عَنْهُ -: من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين، فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار، من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطان والقضاء، ومن أمراء الأجناد ومقدمي العساكر الكبار والصغار وولاة الأموال من الوزراء والكتاب والشادين والسعاة على الخراج والصدقات وغير ذلك من الأموال التي للمسلمين، وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده، وينتهي ذلك إلى أئمة الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمراء لحاج والبُرُد وخزان الأموال ونقباء العساكر الكبار والصغار وعرفاء القبائل والأسواق.
على كل من ولي شيئاً من أمور المسلمين من الأمراء وغيرهم أن يستعمل فيما تحت يده، في كل موضع، أصلح من يقدر عليه، ولا يقدم الرجل لكونه طَلَبَ أو سَبَقَ في الطلب، بل ذلك سبب المنع، فإن في الصحيح عن النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" أن قوماً دخلوا عليه فسألوه ولاية فقال: إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه "
.
وقال لعبد الرحمن بن سمرة:
" يا عبد الرحمن ! لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أُعنت عليها، وإن أعطيتها من مسألة وكلت إليها "
. أخرجاه في الصحيحين.
وقال:
" من طلب القضاء واستعان عليه وَكِل إليه، ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله إليه ملكاً يسده "
. رواه أهل السنن.
فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره، لأجل قرابة بينهما، أو ولاه عتاقة أو صداقة أو موافقة في مذهب أو بلد أو طريقة أو جنس، كالعربيّة والفارسية والتركية والرومية، أو لرشوة يأخذها منه من ماله أو من منفعة، أو غير ذلك من الأسباب، أو لضغن في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما - فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهى عنه في قوله تعالى:
{
{ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّهَ وَالرّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلمونَ }
[الأنفال: 27].
ثم قال الله تعالى:
{
{ وَاعْلموا أَنّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنّ اللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
[الأنفال: 28]، فإن الرجل لحبه لولده أو عتيقه قد يؤثره في بعض الولايات أو يعطيه ما لا يستحقه فيكون قد خان أمانته، وكذلك قد يؤثر زيادة حفظه أو ماله يأخذ ما لا يستحقه أو محاباة مَنْ يُدَاهنه في بعض الولايات فيكون قد خان الله ورسوله وخان أمانته، ثم إن المؤدي الأمانة، مع مخالفة هواه، يثيبه الله فيحفظه في أهله وماله بعده، والمطيع لهواه يعاقبه بنقيض قصده، فيذل أهله ويذهب ماله، وفي ذلك الحكاية المشهورة: إن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يحدّث بما أدرك، فقال: أدركت عُمَر بن عبد العزيز، فقيل له: يا أمير المؤمنين ! أفقرت أفواه بنيك من هذا المال وتركتهم فقراء لا شيء لهم، وكان في مرض موته، فقال: أدخلوهم عليّ، فأدخلوهم وهم بضعة عشر ذكراً، ليس فيهم بالغ، فلما رآهم ذرفت عيناه ثم قال: والله ! يا بني ! ما منعتكم حقاً هو لكم، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فادفعها إليهم، وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالح فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح فلا أخلف له ما يستعين به على معصية الله، قوموا عني.
قال: ولقد رأيت بعض ولده حمل على مائة في سبيل الله، يعني أعطاها لمن يغزو عليها.
قلت: هذا وقد كان خليفة المسلمين من أقصى المشرق ببلاد الترك إلى أقصى المغرب بالأندلس وغيرها من جزيرة قبرص وثغور الشام والعواصم كطرسوس ونحوها، إلى أقصى اليمن، وإنما أخص كل واحد من أولاده من تركته شيئاً يسيراً، يقال أقل من عشرين درهماً.
قال: وحضرت بعض الخلفاء وقد اقتسم تركته بنوه، فأخذ كل واحد ستمائة ألف دينار، ولقد رأيت بعضهم يتكفف الناس، أي: يسألهم بكفه، وفي هذا الباب من الحكايات والوقائع المشاهدة في الزمان، والمسموعة عما قبله، عبرة لكل ذي لب، وقد دلت سنة رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم على أن الولاية أمانة يجب أداؤها، في موضع مثل ما تقدم، ومثل قوله لأبي ذر - رَضِي اللّهُ عَنْهُ - في الإمارة:
" إِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حسرة وَنَدَامَةٌ. إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ "
. فيما رواه مسلم.
وروى البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة - رَضِي اللّهُ عَنْهُ - أن النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم قال:
" إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ . قيل: يا رسول الله ! وما إِضَاعَتُهَا؟ قال: إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ "
.
وقد أجمع المسلمون على هذا.
ثم قال ابن تيمية
رحمه الله
:
القسم الثاني: أمانات الأموال كما قال تعالى في الديون:
{
{ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدّ الّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتّقِ اللّهَ رَبّهُ }
[البقرة: 283]، ويدخل في هذا القسم الأعيان والديون الخاصة والعامة، مثل رد الودائع ومال الشريك والموكل والمضارب ومال المولى من اليتيم وأهل الوقف ونحو ذلك، وكذلك وفاء الديون من أثمان المبيعات وبدل القرض وصدقات النساء وأجور المنافع ونحو ذلك، وقد قال الله تعالى:
{
{ إِنّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسّهُ الشّرّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلّا المصَلّينَ الّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقّ مّعْلُومٌ لّلسّائِلِ وَالمحْرُومِ }
[المعارج: 19-25] - إلى قوله -:
{
{ وَالّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ }
[المعارج: 32]، وقال تعالى:
{
{ إِنّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً }
[النساء: 105]، أي: لا تخاصم عنهم.
وقال النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه، والمجاهد من جاهد نفسه في ذات "
، وهو حديث صحيح، بعضه في الصحيحين وبعضه في سنن الترمذيّ، وقال النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:
" مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّاها اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ "
، رواه البخاريّ.
وإذا كان الله تعالى قد أوجب أداء الأمانات التي قبضت بحق، ففيه تنبيه على وجوب أداء الغضب والسرقة والخيانة ونحو ذلك من المظالم، وكذلك أداء العارية، ولينظر تتمة هذا البحث في الرسالة المذكورة، فإن الوقوف عليها من المهمات.
{ إِنّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُم بِهِ } أي: نعم ما يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة، و ( ما ) إما منصوبة موصوفة بـ ( يعظكم ) أو مرفوعة موصولة، كأنه قيل نعم شيئاً يعظكم به، أو نعم الشيء الذي يعظكم به، والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها متضمنة لمزيد لطف بالمخاطبين وحسن استدعائهم إلى الامتثال بالأمر.
{ إِنّ اللّهَ كَانَ سَميعاً } لأقوالكم في الأمانات والأحكام: { بَصِيراً } بأفعالكم فيها، فإن سمع ورأى خيراً جازاكم عليه خير الجزاء، وإن سمع ورأى شراً جازاكم عليه، فهو وعد ووعيد.
وروى ابن أبي حاتم بسنده عن أبي يونس قال: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: { إِنّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } إلى قوله: { سَميعاً بَصِيراً } ويضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ويقول: هكذا سمعت رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم يقرؤها ويضع إصبعه.
وقال أبو زكريا: وصفه لنا المقري ووضع أبو زكريا إبهامه الأيمن على عينه اليمنى، والتي تليها على الأذن اليمنى، وأرانا، فقال: هكذا، وهكذا، رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وابن مردويه في تفسيره.
وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة، واسمه سُلَيم بن جبير، أفاده ابن كثير.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة