خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوۤاْ إِلَى ٱلْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوۤاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً
٩١
-النساء

محاسن التأويل

{ سَتَجِدُونَ } أقواماً: { آخَرِينَ يُرِيدُونَ } بإظهار الإسلام لكم.
{ أَن يَأْمَنُوكُمْ }: أي: على أنفسهم.
{ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ } بإظهار الكفر.
{ كُلّ مَا رُدّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ } أي: دعوا إلى الارتداد والشرك: { أُرْكِسُواْ فِيِهَا } أي: رجعوا إلى منكوسين على رؤوسهم.
{ فَإِن لم يَعْتَزِلُوكُمْ } أي: ينتحوا عنكم جانباً، بأن لم يكونوا معكم ولا عليكم.
{ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السّلم } أي: ولم يلقوا الانقياد.
{ وَيَكُفّوَاْ أَيْدِيَهُمْ } أي: عن قتالكم.
{ فَخُذُوهُمْ } أي: اتسروهم.
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ } أي: وجدتموهم في داركم أو دارهم.
{ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مّبِيناً } أي: حجة واضحة في الإيقاع بهم قتلاً وسبياً، لظهور عداوتهم وانكشاف حالهم في الكفر والغدر، وإضرارهم بأهل الإسلام، أو تسلطاً ظاهراً، حيث أذنّا لكم في أخذهم وقتلهم.
تنبيهان
الأول: قال ابن كثير: هؤلاء الآخرون، في الصورة الظاهرة، كمن تقدمهم ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك، فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم ولأصحابه الإسلام، ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم، ويصانعون الكفار في الباطن، فيعبدون معهم ما يعبدون، ليأمنوا بذلك عندهم، وهم في الباطن مع أولئك، كما قال تعالى:
{ { وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنّا مَعَكُمْ } [البقرة: 14] الآية.
وحكى ابن جرير عن مجاهد؛ أنها نزلت في قوم من أهل مكة، كانوا يأتون النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم فيُسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان، يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا، فأمر بقتلهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا.
الثاني: قال الرازيّ: قال الأكثرون: في الآية دلالة على أنهم إذا اعتزلوا قتالنا وطلبوا الصلح منا وكفوا أيديهم عن إيذائنا، لم يجز لنا قتالهم ولا قتلهم، ونظيره قوله تعالى:
{ { لا يَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِ الّذِينَ لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّينِ وَلم يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرّوهُمْ } [الممتحنة: 8]، وقوله تعالى: { { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [البقرة: 190]، فخص الأمر بالقتال لمن يقاتلنا دون من لم يقاتلنا.