خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢٢
-فصلت

محاسن التأويل

{ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ } أي: وما كنتم تستترون عند فعلكم الفواحش والمنكرات، مخالفة أو كراهة أن يشهد عليكم ما ذكر. أي: ليس استتارهم للخوف مما ذكر، بل من الناس. فـ: { أنَ يَشْهَدَ } مفعول له، بتقدير مضاف، أو من أن يشهد، أو عن أن يشهد، أو أنه ضمن معنى الظن، فهو في محل نصب. وفي الآية تنبيه على أن المؤمن ينبغي أن يتحقق، أنه لا يمر عليه حال إلا وعليه رقيب، كما قال أبو نواس:

إِذَاْ مَاْ خَلَوْتَ الدَّهْرِ يَوْماً، فَلَاْ تَقُلْ خَلَوْتُ. وَلَكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيْبٌ
وَلَاْ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ يَغْفُلُ سَاْعَةً وَلَاْ أَنَّ مَاْ يَخْفَىْ عَلَيْكَ، يَغِيْبُ

{ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ } أي: ما ظننتم أن الله يعلم فينطق الجوارح، ولكن ظننتم أنه لا يعلم كثيراً، وهو ما علمتم خفية، فما استترتم عنها واجترأتم على المعاصي. وإذا كان: { أنَ يَشْهَدَ } مفعولاً له، فالمعنى ما استترتم بالحجب، لخيفة أن تشهد عليكم الجوارح، فلذا ما استترتم عنها، لكن لأجل ظنكم أن الله لا يعلم كثيراً، فلذا سعيتم في الاستتار عن الخلق، لا عن الخالق، ولا عما تنطق به الجوارح.