خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
٣٢
-الزخرف

محاسن التأويل

{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } إنكار، فيه تجهيل وتعجيب من تحكمهم فيما لا يتولّاه إلا هو تعالى. والمراد بالرحمة النبوة: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: فجعلنا بعضهم غنياً وبعضهم فقيراً: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ } أي: بالغنى: { فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم } يعني الغني: { بَعْضاً } يعني الفقير: { سُخْرِيّاً } أي: مسخراً في العمل، وما به قوام المعايش، والوصول إلى النافع، لا لكمالٍ في الموسّع عليه، ولا لنقص في المقتّر عليه بل لحاجة التضامّ والتآلف، التي بها ينتظم شملهم. وأما النفحات الربانية، والعلوم اللدنية، فليست مما يستدعي سعة ويساراً؛ لأنها اختصاص إلهي، وفيض رحماني، يمنّ به على أنفس مستعدّيه، وأرواح قابليه.
والسّخريّ: بالضم منسوب إلى السخرة بوزن غرفة، وهي الاستخدام والقهر على العمل { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } يعني أن النبوّة خير مما يجمعون من الحطام الفاني؛ أي: والعظيم من أعاطيها وحازها، وهو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لا من حاز الكثير من الشهوات المحبوبة.
ثم أشار تعالى إلى حقارة الدنيا عنده، بقوله: { وَلَوْلَا أَن يَكُونَ ... }.