خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٢٨
-المائدة

محاسن التأويل

{ لَئِنْ بَسَطْتَ } أي: مددت: { إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي } أي: ظلماً: { مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ } أي: دفعاً: { إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } أي: من أن أصنَّع كما تريد أن تصنع.
وفي " الصحيحين ": عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا يا رسول الله ! هذا القاتل. فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " . وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذيّ في حديث سعد بن أبي وقاص قال: " قلت يا رسول الله ! أرأيت إن دخل بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن كابن آدم -وتلا -: { لَئِنْ بَسَطْتَ }...الآية " .
قال المهايميّ في تفسير هذه الآية: أي: أني -وإن لم أكن في الدفع ظالماً -أخاف الله انتهى يكره مني هدم بنيانه الجامع ليظهر فيه من حيث كونه رب العالمين. انتهى.
وهو منزع صوفيّ لطيف.
وقال أبو السعود: فيه من إرشاد قابيل إلى خشية الله تعالى، على أبلغ وجه وآكده، ما لا يخفى. كأنه قال: إني أخافه تعالى إن بسطت يدي إليك لأقتلك، أن يعاقبني. وإن كان ذلك مني لدفع عداوتك عني. فما ظنّك بحالك وأنت البادئ العادي؟ وفي وصفه تعالى بربوبيّة العالمين تأكيدٌ للخوف. قيل: كان هابيل أقوى منه. ولكن تحرّج عن قتله واستسلم خوفاً من الله تعالى. لأن القتل للدفع لم يكن مباحاً حينئذٍ. وقيل: تحرياً لما هو الأفضل، حسبما قال صلى الله عليه وسلم:
" كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل " . ويأباه التعليل بخوفه تعالى، إلاَّ أن يدعي أنَّ ترك الأولى عنده بمنزلة المعصية في استتباع الغائلة، مبالغة في التنزّه. انتهى.