خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
١٦٣
-الأعراف

محاسن التأويل

{ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } هذا السياق هو بسط لقوله تعالى: { { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [البقرة: 65]. فقوله تعالى: { وَاسْألْهُمْ } عطف على اذكر المقدر عند قوله: { وَإِذْ قِيلَ } أي: وأسأل اليهود المعاصرين لك، سؤال تقريع وتقرير، بقديم كفرهم وتجاوزهم حدود الله، وإعلاماً بأن هذا من علومهم التي لا تعلم إلا بكتاب أو وحي، فإذا أعلمهم به من يقرأ كتابهم، علم أنه من جهة الوحي.
قوال ابن كثير: أي: واسأل هؤلاء اليهود بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله، ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة، وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم، لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم.
وهذه القرية هي أيلة، بين مدين والطور، وقيل هي متنا، بين مدين وعينونا. ومعنى كونها: { حَاضِرَةَ الْبحْرُ } أنها قريبة منه، راكبة لشاطئه.
وقوله تعالى: { إِذْ يَعْدُونَ فِي السِّبْتِ } أي: يتجاوزون حد الله فيه، وهو اصطيادهم في يوم السبت، وقد نهوا عنه، فقد أخذت عليهم العهود والمواثيق أن يحفظوا السبوت من عملٍ ما.
و الحيتان السمك، وأكثر ما تستعمل العرب الحوت، في معنى السمكة.
و: { شُرَّعاً } جمع شارع، من شرع بمعنى دنا. يقال: شرع علينا فلان، إذا دنا منا، وأشرف علينا، وشرعت على فلان في بيته، فرأيته يفعل كذا، وهو حال من: { حِيتاَنُهُمْْ } أي: تأتيهم يوم سبتهم ظاهرة على وجه الماء، قريبة من الساحل، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم أصلاً إلى السبت المقبل.
قرئ: { يُسْبِتُونَ } ثلاثياً، ومزيداً فيه، من أسبت معلوماً ومجهولاً أيضاً، بمعنى، لا يدخلون في السبت ولا يدار عليهم.
وقوله تعالى: { كَذَلِكَ نَبْلُوهُم } أي: مثل ذلك البلاء العجيب الفظيع، نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء، في اليوم المحرم عليهم صيده، وإخفائه عنهم في اليوم الحلال لهم صيده، أي: نعاملهم معاملة من يختبرهم، بسبب فسقهم، فيظهر عدوانهم، فيستحقون المؤاخذة.
ثم بين تعالى تماديهم في العدوان، وعدم انزجارهم عنه، بعد العظات والإنذارات، بقوله سبحانه:
{ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ ... }.