خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ
١٣
-التوبة

محاسن التأويل

{ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ } أي: التي حلفوها في المعاهدة { وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ } يعني من مكة حين اجتمعوا في دار الندوة، حسبما ذكر في قوله تعالى: { { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا } [الأنفال: 3] فيكون نعياً عليهم جنايتهم القديمة، { وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي: بالقتال يوم بدر، حين خرجوا لنصر غيرهم فما نجت وعلموا بذلك، استمروا على وجوههم طلباً للقتال، بغياً وتكبراً. وقيل: بنقضهم العهد، وقتالهم مع حلفائهم بني بكر لخزاعة، أحلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وكان ما كان. قاله ابن كثير.
وقال الزمخشري: أي: وهم الذين كانت منهم البداءة بالمقاتلة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءهم أولاً بالكتاب المنير، وتحداهم به، فعدلوا عن المعارضة، لعجزهم عنها، إلى القتال، فهم البادئون بالقتال، والبادئ أظلم، فما يمنعكم من أن تقاتلوهم بمثله، وأن تصدموهم بالشر كما صدموكم { أَتَخْشَوْنَهُمْ } أي: أتخافون أن ينالكم منهم مكروه حتى تتركوا قتالهم { فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ } بمخالفة أمره وترك قتالهم { إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ } يعني أن قضية الإيمان الصحيح أن لا يخشى المؤمن إلا ربه، ولا يبالي بمن سواه، كقوله تعالى:
{ { وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّه } [الأحزاب: 39]. قاله الزمخشري. وفيه من التشديد ما لا يخفى.
ثم عزم تعالى على المؤمنين الأمر بالقتال لحكمته بقوله:
{ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ ... }.