قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} قال قتادة ومقاتل، وذلك أن حيي بن أخطب حين قدم مكة قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أحق هذا العذاب؟ قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ إِى وَرَبِّى} يعني إي والله إنَّه لكائن، ويقال معناه ويسألونك عن البعث أحق هو؟ ويسألونك عن دينك أحق هو؟ {قُلْ إِى وَرَبّى} يعني قل يا محمد نعم {إِنَّهُ لَحَقٌّ} يعني العذاب "نازل بكم إن لم تؤمنوا" {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} بفائتين من العذاب حتى يخزيكم به. ثم أخبر عن حالهم حين نزل بهم العذاب فقال تعالى {وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} يعني كفرت وأشركت بالله تعالى لو كان لها {مَا فِى ٱلأرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ} يعني النفس لافتدت من سوء العذاب ولا يقبل منها {وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ} يعني أخفوا الندامة. يعني القادة من السفلة {لَمَّا رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ} حين نزل بهم العذاب {وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ} بين القادة والسفلة بالعدل. ويقال قضي بينهم. يعني بين الخلق بالعدل فيعطى ثوابهم على قدر أعمالهم. ويقال يقضى بين الكفار بالعدل وبين المؤمنين بالفضل. ثم قال {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} يعني: لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً. ثم بيَّن استغناءه عن عبادة (الخلق) وقدرته عليهم فقال {أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ} يعني كلهم عبيده وإماؤه وهو قادر عليهم، ويقال كل شيء يدل على توحيده وأن له صانعاً {أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ} يعني البعث بعد الموت هو كائن {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} يعني: لا يصدقون به ثم قال تعالى {هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم. قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ} يعني يا أهل مكة. ويقال جميع الناس {قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبِّكُمْ} يعني نهياً من ربكم عن الشرك على لسان نبيكم {وَشِفَاءٌ لِمَا فِى ٱلصُّدُورِ} يعني القرآن شفاء للقلوب من الشرك ويقال شفاء من العمى لأن فيه بيان الحلال والحرام {وَهُدَىٰ} من الضلالة. ويقال صواباً وبياناً {وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ} يعني القرآن نعمة الله على المؤمنين، نعمة من العذاب لمن آمن وعمل بما فيه. قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ} يعني قل يا محمد للمؤمنين بفضل الله والإسلام. {وَبِرَحْمَتِهِ} (القرآن) وروي عن ابن عباس أنه قال: بفضل الله يعني القرآن. وبرحمته الإسلام، يعني بنعمته عليكم إذ أكرمكم بالإسلام، والقرآن. وهكذا قال أبو سعيد الخدري. وقال الضحاك ومجاهد: بفضل الله القرآن وبرحمته الإسلام. وقال مقاتل: بفضل الله الإسلام وبرحمته القرآن، وعن الحسن مثله. وقال القتبي مثله قوله: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} يعني بالقرآن والإيمان {هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} من الأموال. قرأ ابن عامر {فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} بالتاء. كلاهما على معنى المخاطبة وقرأ الباقون (يجمعون) بالياء على معنى المغايبة