خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ
٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ
٧
أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٨
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٩
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٠
-يونس

بحر العلوم

قوله تعالى: { إِنَّ فِى ٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } وذلك أن أهل مكة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ائتنا بعلامة كما أتت بها الأنبياء قومهم فنزل { إِنَّ فِى ٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } يعني في مجيء الليل وذهاب النهار ومجيء النهار وذهاب الليل ما يأخذ النهار من الليل وما يأخذ الليل من النهار { وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضِ } من العجائب يعني: فيما خلق الله { ءايَـٰتٍ } يعني: لعلامات { لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } الله تعالى ويخشون عقوبته. ويقال لقوم يتقون الشرك، ثم قال تعالى: { إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا } يعني لا يخافون البعث بعد الموت. ويقال لا يرجون ثوابنا بعد الموت { وَرَضُواْ بِٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يعني اختاروا ما في الحياة الدنيا يعني: على ثواب الآخرة { وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } يقول: ورضوا بها وسكنوا إليها وآثروها وفرحوا بها { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ ءايَـٰتِنَا غَـٰفِلُونَ } يعني عن محمد والقرآن معرضون فلا يؤمنون. ويقال تاركين لها ومكذبين بها، ويقال لم يتفكروا فيها. قوله تعالى: { أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } يعني أهل هذه الصفة مصيرهم إلى النار { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني: جزاء لكفرهم وتكذيبهم، ثم أنزل فيما أعد للمؤمنين فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } وقال مقاتل: يهديهم على الصراط إلى الجنة بالنور بإيمانهم، يعني بتوحيدهم الله تعالى [في الدنيا] وقال الضحاك: يدعوهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة. وقال الكلبي: نحو هذا. ويقال هذا على معنى التقديم ومعناه إن الذين يهديهم ربهم بإيمانهم حتى آمنوا وعملوا الصالحات. ويقال يهديهم ربهم في الدنيا يعني يثبتهم على الإيمان ويدخلهم في الآخرة الجنة بإيمانهم. ويقال ينجيهم ربهم بإيمانهم، وقال الحسن: يرحمهم ربهم بإيمانهم ثم قال { تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } يتنعمون فيها. ثم قال { دَعْوٰهُمْ فِيهَا } يعني قولهم في الجنة { سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } يعني: فهذه علامة بينهم وبين خدمهم في الجنة فإِذا قالوا هذه المقالة جاءهم الخدام بالموائد بين أيديهم (وأوتوا) بما يشتهون، فإذا فرغوا من الطعام قالوا الحمد لله رب العالمين فذلك قوله تعالى: { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } يعني وآخر قولهم بعد ما فرغوا من الطعام أن يقولوا الحمد لله رب العالمين. { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } على معنى التقديم. وقال الضحاك في قوله عز وجل { دَعْوٰهُمْ فِيهَا } وذلك أن أهل الجنة إذا دخلوا القيامة وصاروا إلى الجنة يكون فاتحة كلامهم:سبحانك اللهم على ما مننت به علينا وتحيتهم فيها سلام. يقول يسلم عليهم الملائكة من الله تعالى. ويقال يسلم بعضهم على بعض ويقال يسلمون على الله تعالى. ويقال تحيتهم لله تعالى بالسلام كقوله { { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَـٰمٌ } [الأحزاب: 44] { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ }، يعني بعدما رأوا من الكرامات وبعد ما أكلوا من الطعام حمدوا الله تعالى على ما أعطاهم من الخير.