خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ
١٣
لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ
١٤
-الرعد

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَيُسَبّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } يعني: بأمره. قال: حدثنا عمر بن محمد قال: حدثنا أبو بكر الواسطي قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا وكيع عن عمرو بن أبي زائدة أنه قال سمعت عكرمة يقول: الرعد ملك يزجر السحاب بصوته كالحادي بالإبل. وروى وكيع عن المسعودي عن سلمة بن كهيل أنه سئل عن الرعد. فقال هو ملك (يزجر السحاب) وسئل عن البرق فقال هو في مخاريق بأيدي الملائكة. وسئل وهب بن منبه عن الرعد فقال: ثلاث ما أظن أحداً يعلمهن إلا الله عز وجل. الرعد والبرق والغيث وما أدري من أين هن وما هن فقيل له { أَنزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَاء مَآءً } قال: نعم ولا ندري أنزل من السماء أو من السحاب ولقحت فيه أو يخلق في السحاب فيمطر. وسمى السحاب سماء. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الرعد فقال: "هو ملك في السماء واسمه الرعد والصوت الذي يسمع هو زجر السحاب. ويؤلف بعضه إلى بعض فيسوقه" . ثم قال { وَٱلْمَلْـٰئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ } يقول: يسبح الملائكة كلهم خائفين لله تعالى { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوٰعِقَ } وهي نار من السماء لا دخان لها { فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء } من خلقه { وَهُمْ يُجَـٰدِلُونَ فِى ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } قال ابن عباس: هو الله تعالى شديد المحال يعني (شديد العقاب). ويقال أصله في اللغة الحيلة. وقال قتادة: يعني الحيلة والقوة ويقال هو شديد القدرة والعذاب ويقال المحال في اللغة هو الشدة ويقال بعضهم: هو كناية عن الذي يجادل. ويكون معناه فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله. يعني يصيبهم في حال جدالهم. وقال مجاهد جاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا محمد أخبرني من أي شيء ربك أمن لؤلؤ هو؟ فأرسل الله عليه صاعقة فقتلته فنزل { وَهُمْ يُجَـٰدِلُونَ فِى ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }. يعني: شديد العداوة وقال قتادة: دخل عامر بن الطفيل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أسلم على أن لك المدر ولي الوبر. يعني لك ولاية القرى ولي ولاية البوادي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنت من المسلمين لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم" . قال عامر لك الوبر ولي المدر. فأجابه بمثل ذلك. قال عامر ولى الأمر من بعدك. فأجابه بمثل ذلك فغضب عامر وقال لأملأنها عليك رجالاً. ألفا رجل أشعر وألفا أمرد. فخرج ولقي أربد بن قيس فقال له ادخل على محمد وآلهه وأنا أقتله، فدخلا عليه فجعل عامر يسأله ويقول أخبرنا يا محمد عن إلهك أمن ذهب هو أم من فضة؟ فلما طال حديثه قاما وخرجا. فقال مالك لم تقتله؟ قال كلما أردت أن أقتله وجدتك بيني وبينه فجاء جبريل فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فدعا عليه فأصابته صاعقة فقتلته فنزل { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوٰعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَـٰدِلُونَ فِى ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } قوله تعالى: { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ } يعني: كلمة الإخلاص لا إله إلا الله. يدعو الخلق إليها. ويقال معناه: له على العباد دعوة الحق أن يدعوه فيجيبهم { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } يعني: الأصنام والأوثان { لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ } يقول: لا ينفعهم بشيء { إِلاَّ كَبَـٰسِطِ كَفَّيْهِ } يعني: كمادٍ يديه { إِلَى ٱلْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ } والعرب تقول لمن طلب شيئاً لا يجده هو كقابض الماء يعني كمن هو مشرف يدعو الماء بلسانه ويشير إليه { وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ } يعني: فلا يناله أبداً. وقال مجاهد: كالذي يشير بيده إلى الماء فيدعوه بلسانه فلا يجيبه أبداً. هذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك الذي عبد مع الله إلهاً آخر. أنه لا (يجيبه الصنم) ولا ينفعه كمثل العطشان الذي ينظر إلى الماء من بعيد ولا يقدر عليه { وَمَا دُعَاء ٱلْكَـٰفِرِينَ } يقول ما عبادة أهل مكة { إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ } يضل عنهم إذا احتاجوا إليه في الآخرة.