خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ
٥
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٦
وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
٧
ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ
٨
-الرعد

بحر العلوم

{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } قال الكلبي: يعني إن تعجب من تكذيب أهل مكة لك وكفرهم بالله فعجب قولهم. يقول: أعجب من ذلك قولهم { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً }. وقال مقاتل: وإن تعجب مما أوحينا إليك من القرآن تعجب قولهم أئذا كنا تراباً { أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } إكذاباً منهم بالبعث قرأ الكسائي "أَإذَا" بهمزتين (على وجه الاستفهام "إنَّا لَفِى خَلْقٍ" بهمزة واحدة. وقرأ عاصم وحمزة كليهما بهمزتين). وقرأ أبو عمرو "آيِذَا" بهمزة واحدة مع المد وكذلك في قوله "آيِنَّا" بالمد. وقرأ ابن كثير "أَيِذَا" بالياء، وكذلك "أَيِنَّا" وقرأ ابن عامر "إِيِذا كُنَّا" بهمزة واحدة بغير استفهام "آيِنَّا" بالهمزة والمد. قال لأنهم لم يشكوا في الموت وإنما شكوا في البعث فينبغي أن يكون الاستفهام في الثاني دون الأول. ثم قال تعالى { أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ } يعني جحدوا بوحدانية الله تعالى { وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ } يعني تغل أيمانهم على أعناقهم بالحديد في النار { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أي دائمون فيها ولا يخرجون منها. قوله تعالى: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } قال ابن عباس: سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم العذاب استهزاء منهم بذلك فنزل { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } يعني: بالعذاب قبل العافية { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلَـٰتُ } يعني: العقوبات والنقمات قبل قريش فيمن هلك. وأصل المثلة الشبه وما يعتبر به وجمعه المثلات { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } يقول: تجاوز { لّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } يعني: على شركهم إن تابوا. ويقال: بتأخير العذاب عنهم { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن مات منهم على شركه. قوله تعالى: { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مّن رَّبِّهِ } يعني هلا أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - علامة من ربه لنبوته. قال الله تعالى { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } يعني: مخوف ومبلغ لهذه الأمة الرسالة { وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ } قال الكلبي: داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق. وقال الضحاك يعني: إنما أنت منذر وأنا الهادي. وقال سعيد بن جبير: الهادي هو الله. وقال عكرمة: محمد - صلى الله عليه وسلم - هو نذير وهو الهادي يعني يدعوهم إلى الهدى ولكل قوم هاد. وقال مجاهد يعني: لكل قوم نبي. قرأ ابن كثير "هَادِي" بالياء عند الوقف وكذلك قوله { { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ وَاقٍ } [الرعد: 37]. وقرأ الباقون بغير ياء. قوله تعالى: { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } ذكراً أو أُنثى ويعلم ما في الأرحام سوياً أو غير سوي ثم قال { وَمَا تَغِيضُ ٱلأرْحَامُ } (يعني ما تنقص) الأرحام من تسعة أشهر في الحمل { وَمَا تَزْدَادُ } يعني: على التسعة أشهر في ذلك الحمل { وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } قال قتادة: رزقهم وأجلهم. وقال ابن عباس من الزيادة والنقصان والمكث في البطن والخروج. كل ذلك بمقدار قدره الله تعالى فلا يزيد على ذلك. وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: { وَمَا تَغِيضُ ٱلأرْحَامُ }. يعني الحامل. إن ترى الدم نقص من الولد وإن لم تر الدم يزيد في الولد. وروى أسباط عن السدي قال: إن المرأة إذا حملت واحتبس حيضها كان ذلك الدم رزقاً للولد، فإذا حاضت على ولدها خرج وهو أصغر من الذي لم تحض عليه. { وَمَا تَغِيضُ ٱلاْرْحَامُ } وهي الحيضة التي على الولد وما تزداد فحين يستمسك الدم فلا تحيض وهي حبلى. قال الفقيه: هذا الذي قال السدي إن الحامل تحيض إنما هو على سبيل المجاز. لأن دم الحامل لا يكون حيضاً ولكن معناه إذا سال منها الدم فيكون ذلك استحاضة. قال حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا ابن خزيمة قال حدثنا عليّ قال حدثنا إسماعيل عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر رضي الله عنه يقول: قال رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - : "مفتاح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله. لا يعلم ما تغيض الأرحام أحد إلا الله. ولا يعلم ما في غد أحد إلا الله. ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله. ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله. ولا يعلم أحد متى تقوم الساعة إلا الله" .