خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً
٦٠
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً
٦١
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً
٦٢
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً
٦٣
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً
٦٤
فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً
٦٥
-الكهف

بحر العلوم

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَـٰهُ } أي: لتلميذه وهو يوشع بن نون وقال أَهل الكتاب إنما هو موسى بن إفراتيم ابن يوسف بن يعقوب وذكر عن القتبي أنه قال: زعم أهل التوراة أنه موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب وقال عامة المفسرين: هو موسى بن عمران الذي هو أخي هارون قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن منبه أن ابن عباس تمارى هو وقيس وجبر بن قيس الفزاري في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إليه قال ابن عباس هو الخضر إذ مر أبي بن كعب فناداه ابن عباس فقال تماريت أنا وهذا في صاحب موسى فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بينا موسى في ملأ بني إسرائيل إذ قام إليه رجل فقال: هل تعلم أحداً أعلم منك فقال لا فأوحى الله إليه بل عبدي الخضر فسأل موسى السبيل إلى لقائه فجعل الله له الحوت آية فقال إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه فكان من شأنهما ما قص الله تعالى في القرآن" وروى سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوف البكالي زعم أن موسى نبي بني إسرائيل ليس هو موسى صاحب الخضر فقال ابن عباس كذب عدو الله أخبرنا أبي بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قام موسى خطيباً في بني إسرائيل" وذكر نحو الحديث الأول وروى أسباط عن السدي قال بلغنا أن موسى بن عمران نبي الله خطب خطبة فأبلغ فيها فدخله بعض العجب وتعجبت بنو إسرائيل لبلاغته فقالوا يا نبي الله هل تعلم أحداً أبلغ منك فأوحى الله تعالى إليه أن لي عبداً في الأرض هو أعلم منك فاطلبه قال وما علامته قال: تنطلق معك بزاد فإذا تعبت في سفرك أي أعييت وفقدت زادك فعند ذلك تلقاه فانطلق موسى وفتاه يوشع بن نون وحملا معهما خبزاً وحوتاً فذلك قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَـٰهُ لا أَبْرَحُ } قال الكلبي: وإِنما سماه موسى فتًى لأنه كان يخدمه ويتبعه ويتعلم منه وكان يوشع من أشراف بني إسرائيل وهو الذي استخلفه موسى على بني إسرائيل وقال مقاتل: كان فتاه يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى من سبط يوسف { لا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ } أي: بحر الملح وهو بحر فارس وبحر الروم والبحر العذب وقد قيل: معناه: آتي الموضع الذي يجتمع فيه بين العالمين يعني: موسى والخضر وهما بحران في العلم والتفسير الأول أصح لأنه ذكر بعد هذا حديث البحر { أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً } أي: زماناً ودهراً وقال الكلبي: الحقب الواحد ثمانون سنة { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا } أي: موسى ويوشع بن نون مجمع البحرين جلسا على شاطيء البحر فأصابا من طعامهما ونام موسى وجعل يوشع يتوضأ من عين على شاطىء البحر فانتضح من ذلك الماء على الحوت المالح فحيي فعاش الحوت وكانت تلك العين عين الحياة لا تصيب شيئاً إلا عاش فوثب الحوت في الماء فجعل الحوت يضرب بذنبه في الماء فلا يضرب في ذنبه في الماء إلا ينسى فأراد يوشع أن يخبر موسى بذلك فلما استيقظ موسى نسي يوشع أن يخبر موسى فذلك قوله { نَسِيَا حُوتَهُمَا } يعني: أن يوشع نسي أن يخبر موسى عن خبر الحوت { فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى ٱلْبَحْرِ سَرَباً } قال الفراء: أي أخذ طريقه يبساً وقال القتبي: اتخذ طريقه في البحر مذهباً ومسلكاً فذهبا عن ذلك الموضع في غدوتهما حتى أصابهما التعب ولم ينصب موسى في سفره وحتى كان يومئذ فنصب فقال لفتاه يوشع قوله { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَـٰهُ } يوشع { آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً قَالَ } أي: مشقة وتعباً { قَالَ } يوشع لموسى { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى ٱلصَّخْرَةِ } أي حين نزلنا عند الصخرة { فَإِنّى نَسِيتُ ٱلْحُوتَ } يقول: نسيت أن أذكر لك أمر الحوت { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ } لك وأمره { وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى ٱلْبَحْرِ } أي طريقه { عَجَباً } قال بعضهم: (عَجَباً) هو من كلام موسى وقال بعضهم: من كلام يوشع قال عجباً وذلك أن يوشع لما أخبره فقال موسى عجباً فكأنه من أعجب عجباً وقال بعضهم: هو كلام يوشع (قَالَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِيْ الْبَحْرِ عَجَباً) وذلك حين يبس له الماء وأثره في الماء { قَالَ } موسى { ذٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } أي نطلب من حاجتنا { فَٱرْتَدَّا } أي: رجعا { عَلَىٰ ءاثَارِهِمَا قَصَصًا } يقتصان أثر طريقهما من جاء فيه وإنما سمي قاصاً لأنه يقص الأثر الأَمم ومعناه أنهما رجعا في الطريق الذي سلكاه فلما انتهيا إلى الصخرة حيث قام الحوت أراه يوشع مكان الحوت وأثره في الماء فعجب موسى من أثره فأبصر رجلاً عند الصخرة قائماً يصلي وعليه مدرعة صوف وكساء صوف فلما فرغ من صلاته قال موسى: السلام عليك فقال وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل قال: ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل قال: أخبرني الذي أخبرك بمكاني فذلك قوله { فَوَجَدَا عَبْدًا مّنْ عِبَادِنَا ءاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا } أي: أعطيناه النبوة { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } أي: علم بعض الكوائن روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة الخضر في بعض الأخبار فقال "كان ابن ملك من الملوك فأراد أبوه أن يستخلفه من بعده فلم يقبل وهرب منه ولحق بجزائر البحر فطلبه أبوه فلم يقدر عليه"
.