خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً
٦٠
جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً
٦١
لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
٦٢
تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً
٦٣
وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً
٦٤
-مريم

بحر العلوم

{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } يعني بقي بعد الأنبياء الذين ذكرناهم من أول السورة إلى هنا بقيات سوء وهم اليهود والنصارى يقال: في الرداء خَلْفٌ بإمكان اللام وفي الصلاح خَلَفَ بفتح اللام ثم وصفهم فقال { أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني: عن وقتها ويقال تركوها ويقال تركوا الصلاة فلم يؤدوها وجحدوا بها فكفروا { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ } يعني وشربوا الخمر ويقال استحلوا الزنا ويقال استحلوا نكاح الأخت من الأب { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } يعني شراً ويقال وادي في جهنم يسمى غيّاً ويقال مجازاة الغي كما قال الله عز وجل { { يَلْقَ أَثَاماً } [الفرقان: 68] أي مجازاة الآثام ثم استثني فقال تعالى { إِلاَّ مَن تَابَ } يعني رجع عن الكفر { وَآمَنَ } يعني: صدق بتوحيد الله عز وجل { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } بعد التوبة { فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } يعني: لا ينقصون شيئاً من ثواب أعمالهم ثم قال عز وجل: { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } صار خفضاً لأن معناه يدخلون في (جنات عدن) { ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } يعني ما غاب عن العباد والله عز وجل لا يغيب عنه شيء { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } يعني جائياً كائناً وقال القتبي (مَأْتِيّا) يعني المفعول بمعنى الفاعل يعني: جائياً وقال الزجاج: (مَأْتِياً) مفعول من الإتيان لأن كل من وصل إليك فقد وصلت إليه وكل من أتاك فقد أتيته { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا } يعني في الجنة { لَغْواً } يعني حَلفاً وباطلاً { إِلاَّ سَلَـٰماً } يعني: ويسمعون السلام يسلم بعضهم على بعض وقال الزجاج: اللغو ما يلغي من الكلام ويؤثم فيه والسلام اسم جامع للخير لأنه يتضمن السلامة يعني لا يسمعون إلا سلامهم { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } يعني: طعامهم على مقدار البكرة والعشي وليس هناك بُكرة ولا عشي وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبهم ذلك فأخبرهم الله تعالى أن لهم في الجنة هذه الحالة وقال القتبي الناس يختلفون في مطاعمهم فمنهم من يأكل وجبة أي: مرة واحدة في كل يوم ومنهم من يأكل متى وجد بغير وقت ولا عداد ومنهم من يأكل الغداء والعشاء فأعدل هذه الأحوال كلها وأنفعها الغداء والعشاء والعرب تقول عن ترك العشاء مهرمة ويذهب بلحم الكارة يعني باطن الفخذ فجعل طعام أهل الجنة على قدر ذلك.