ثم قال عز وجل: { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } [يقول: حيث صليت] { فَوَلِّ وَجْهَكَ } بالصلاة { شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي نحوه وتلقاءه، { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } يعني التوجه إلى الكعبة بالصلاة هو الحق من ربك { وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } أي يجازيكم بأعمالكم { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ } أي لكي لا يكون لليهود { عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } لأنهم يعلمون أن الكعبة هي القبلة فلا حجة لهم عليكم { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } أي إلا من ظلم باحتجاجه فيما وضح له كما يقول الرجل لصاحبه: مالك على الحجة إلا أن تظلمني. وقال بعضهم: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني ولا الذين ظلموا لا حجة لهم عليكم وذكر عن أبي عبيدة أنه قال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي ولا الذين ظلموا فهذا موضع واو العطف فكأنه قال: ليس للناس عليكم حجة ولا الذين ظلموا منهم أي لا حجة لهم عليكم { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } أي بانصرافكم إلى الكعبة { وَٱخْشَوْنِي } في تركها قرأ نافع في رواية ورش: (ليلا) بغير همز. والباقون: (لئلا) بالهمز لأن أصله (لأن لا) وإنما أسقط نافع الهمزة للتخفيف ثم قال تعالى: { وَلأُِتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ } بتحويل القبلة وبإرسال الرسول { وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي لكي تهتدوا من الضلالة.