ثم قال تعالى: { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } يعني علا وتكبر وادعى الربوبية أي اذهب إليه وادعه إلى الإسلام { قَالَ } موسى عليه السلام { رَبّ ٱشْرَحْ لِى صَدْرِى } يعني يا رب وسع لي قلبي حتى لا أخاف منه ويقال لين قلبي بالإسلام حتى أثبت عليه { وَيَسّرْ لِى أَمْرِى } يعني: هون علي ما أمرتني به { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مّن لّسَانِى } يعني: ابسط العقدة أي: الرثة من لساني { يَفْقَهُواْ قَوْلِي } يعني: يفهموا كلامي وذلك أن موسى عليه السلام في حال صغره رفعه فرعون في حجره فلطمه موسى لطمة ويقال أخذ بلحيته ومدها إلى الأرض فقال فرعون هذا من أعدائي الذين كنت أتخوف به فقالت امرأته آسية بنت مزاحم صبي جاهل لا عقل له ضع له طستاً من ذهب وطستاً من نار حتى تعلم ما يصنع فوضعوا له ذلك فجاء جبريل عليه السلام فأخذ يده وأهوى بها إلى النار فأخذ جمرة فوضعها في فيه فكانت الرثوثة من ذلك فذلك قوله تعالى: يفقهوا قولي { وَٱجْعَل لّى وَزِيراً مّنْ أَهْلِى هَـٰرُونَ أَخِى } يعني اجعل لي معيناً من أهلي أخي هارون { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِى } حتى يكون قوة لي والأزر الظهر وجماعته أزر ويراد به القوة يقال آزرت فلاناً على الأمر أي قويته عليه وإنما نصب هارون لوقوع الفعل عليه والمعنى اجعل هارون أخي وزيراً فصار الوزير المفعول الثاني ثم قال تعالى: { وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى } يعني في نبوتي قرأ ابن عامر أَشدد بنصب الألف وأَشركه بضم الألف على معنى الخبر عن نفسه أي أنا أفعل ذلك وإنما كان جزماً على الجزاء في الأمر والباقون أُشدد بضم الألف وأشركه بنصب الألف على معنى الدعاء يعني اللهم أشدد به أزري وأشركه في أمري قال أبو عبيدة بهذه القراءة نقرأ ويكون حرف ابن مسعود شاهداً لها وكان يقرأ هارون أخي وأشدد به أزري وأشركه في أمري وفي حرف أُبَي وأشركه في أمري وأشدد به أزري قال كأنه دعا ثم قال { كَىْ نُسَبّحَكَ كَثِيراً } يعني نصلي لك كثيراً { وَنَذْكُرَكَ } باللسان { كَثِيراً } يعني: على كل حال { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } أي كنت عالماً بنا في الأحوال كلها { قَالَ } الله تعالى { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } يعني: أعطيناك ما سألته.