خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ
٦٢
قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ
٦٣
فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ
٦٤
قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ
٦٥
قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ
٦٦
-طه

بحر العلوم

{ فَتَنَـٰزَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } أي تناظروا أمرهم بينهم يعني: اختلفوا فيما بينهم سراً من فرعون وهم السحرة وقالوا فيما بينهم إن كان ما يقول موسى حقاً واجباً فيكون الغلبة لموسى وذلك قوله عز وجل { فَتَنَـٰزَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } يعني: تناظروا أمرهم بينهم فذلك قوله: { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } أي: أخفوا الكلام { قَالُواْ إِنْ هَـٰذٰنِ لَسَاحِرٰنِ } يعني موسى وهارون { يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا } قرأ أبو عمرو إن هذين لساحران لأن إن تنصب ما بعدها وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص إن هاذان بجزم أن وتشديد نون هاذان عند ابن كثير خاصة والباقون إنَّ بالنصب والتشديد هاذان لساحران بالتخفيف وقال أبو عبيد نقرأ بهذا ورأيت في مصحف عثمان إن هاذين بهذا الخط ليس فيه ألف وهكذا رأيت رفع الاثنين في جميع المصاحف بإسقاط الألف وإذا كتبوا النصب والخفض كتبوها بالياء وحكى الكسائي عن أبي الحارث بن كعب وخثعم وزيد وأهل تلك الناحية الرفع مكان النصب قال القائل:

أي قلوص راكب تراها طاروا علاهن فطر علاها

وقال آخر:

إن أباها وأبا أباها قد بلغا في الجد غايتاها

وقال آخر:

فمن يك بالمدينة أمسى رحله فإني وقياربها لغريب

وروى وكيع عن الأعمش عن إبراهيم قالوا كانوا يريدون أن الألف والياء في القراءة سواء إن هاذان لساحران وإن هاذين لساحرين سواء وفي مصحف عبد الله إن هاذان ساحران وفي مصحف أبي إن ذان إلا ساحران ثم قال الله عز وجل: { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } يقول: برجالكم الأمثل فالأمثل يقول ليغلبا على الرجال من أهل العقول والشرف وقال القتبي: يقال هؤلاء طريقة القوم أي: أشرافهم ويقال: أراد سنتكم ودينكم، وقال الزجاج: معناه يذهبا بأهل طريقتكم كما قال { { وَٱسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِى كُنَّا فِيهَا } [يوسف: 82] ثم قال عز وجل: { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } قرأ أبو عمرو فأجمعوا بجر الألف ونصب الميم يعني جيئوا بكل كيد تقدرون عليه لا تبقوا منه شيئاً وقرأ الباقون فأجمعوا بقطع الألف وكسر الميم ومعناه ليكن عزمكم كلكم على الكيد مجمعاً عليه ولا تختلفوا فتخذلوا وقال أبو عبيد بهذا نقرأ لأن الناس عليها ولصحتها في العربية يقال أجمعت الأمر واجتمعت عليه وإنما يقال جمعت الشيء المتفرق فتجمع { ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } يعني: جميعاً قال أبو عبيد الصف المصلى وقال الزجاج: ثم ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم قال ويجوز أن قوله ثم ائتوا مصطفين أي - مجتمعين ليكون أنظم لكم ولأمركم وأشد لهيبتكم { وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } يعني قد فاز ونجا اليوم من علا بالغلبة ثم جمع فرعون بينهم وبين موسى عليه السلام { قَالُواْ يا مُوسَىٰ } يعني السحرة { إِمَّا أَن تُلْقِىَ } يعني: أن تطرح عصاك على الأرض { وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } إلى الأرض { قَالَ } لهم موسى: { بَلْ أَلْقُواْ } فأَلقوا، في الكلام مضمر { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ } يعني تراءت إلى موسى { مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } يعني: كأنها حيات وروي عن الحسن أنه كان يقرأ بالتاء تخيل لأن جمع العصي مؤنث وقراءة العامة بالياء يعني: سعيها.