خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣١
وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ
٣٢
وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٣٣
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ
٣٤
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
٣٥
وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ
٣٦
-الأنبياء

بحر العلوم

وقوله عز وجل { وَجَعَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } يعني: الجبال الثقال الثوابت { أَن تَمِيدَ بِهِمْ } يعني: كيلا تميل ويقال: كراهية أن تميل بكم { وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً } يعني: في الأرض وفي الجبال أودية والفجاج جمع فج وهو كل شيء مخترق بين جبلين سبلاً يعني: طرقاً { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } أي: لكي يعرفوا الطرق { وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً } من الشياطين ويقال: محفوظاً من السقوط كيلا تسقط عليهم { وَهُمْ عَنْ ءايَـٰتِهَا مُعْرِضُونَ } يعني: عن شمسها وقمرها ونجومها وما فيها من الأدلة والعبر معرضون يعني: لا يتفكرون فيها وقرأ بعضهم (وهم عن آياتها معرضون) ومعناه: إن السماء بنفسها أعظم آية لأنها متمسكة بقدرته ثم قال عز وجل { وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَـٰرَ } يعني: الظلمة والضوء { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } أي: في دوران يجرون وقال قتادة: يعني يجرون في فلك السلام وقال الكلبي كل شيء يدور فهو فلك وقال القتبي: الفلك القطب الذي تدور به النجوم وهو كوكب خفي بقرب الفرقدين ونبات نعش عليه تدور السماء فقد ذكر بلفظ العقل يسبحون لأنه وصف منهم الفعل كما ذكر من العقلاء ثم قال عز وجل { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ } يعني: في الدنيا { أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } وذلك أن أناساً من الكفار قالوا: إن محمداً يموت فنزل { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } يعني: بالغنى والفقر والرخاء والشدة فتنة يعني: اختباراً لهم { وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } في الآخرة قرأ أبو عمرو في إحدى الروايتين يرجعون بالياء بلفظ المغايبة وقرأ الباقون ترجعون بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ ابن عامر في إحدى الروايتين (يرجعون) بنصب الياء قوله عز وجل: { وَإِذَا رَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بأبي سفيان بن حرب وأبي جهل بن هشام فقال أبو جهل لأبي سفيان هذا نبي بني عبد مناف يقول ذلك كالمستهزيء فنزل قوله: { وَإِذَا رَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } يعني: ما يقولون لك إلا سخرية ثم قال { أَهَـٰذَا ٱلَّذِى يَذْكُرُ الِهَتَكُمْ } بالسوء ويقال: أهذا الذي يعيب آلهتكم { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } يعني: جاحدون تاركون وهذا كقوله عز وجل { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ } [الزمر: 45] قال الكلبي: وذلك حين نزل { { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } [الإسراء: 110] فقال أهل مكة: ما يعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب فنزل { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } [الأنبياء: 36].