قوله عز وجل: {وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ} يعني: يَعْلَمُوا أنَّ السّاعَة {ءاتِيَةٌ} أي: كائنة أي: جاثية {لاَ رَيْبَ فِيهَا} أي: لا شك فيها عند المؤمنين وعند كل من كان له عقل وذهن {وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى ٱلْقُبُورِ} قوله عز وجل: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ} يعني: يخاصم في دين الله عز وجل {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: بلا بيان وحجة {وَلاَ هُدًى} يعني: ولا دليل واضح من المعقول {وَلاَ كِتَـٰبٍ مُّنِيرٍ} يعني: ولا كتاب منزل مضيء فيه حجة {ثَانِىَ عِطْفِهِ} يعني: لاوى عنقه عن الإيمان وهو على وجه الكِنَايَةِ ومعناه: يجادل في الله بغير علم متكبراً ويقال ثانيَ عطفه أي: معرضاً عنه {لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} قرأ ابن كثير وأبو عمرو (لِيَضِلَّ) بنصب الياء يعني: ليعرض عن دين الله عز وجل والباقون بالضم يعني: ليصرف الناس عن دين الإسلام قال الله تعالى: {لَهُ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌ} يعني النضر بن الحارث قتل يوم بدر صبراً {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ} يعني: عذاب النار فأخبر الله تعالى أن ما أصابه في الدنيا من الخزي لم يكن كفارة لذنوبه ثم قال عز وجل {ذٰلِكَ} يعني: ذلك العذاب يعني: يقال له يوم القيامة هذا العَذَابُ {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} يعني: بما عملت يداك وذكر اليدين كناية يعني ذلك العذاب بكفرك وتكذيبك {وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ} يعني: لا يعذب أحداً بغير ذنب قوله عز وجل: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ} يعني: على شك وعلى وجه الرياء ولا يريد به وجه الله تعالى ويقال: على شك والعرب تقول: أنت على حرف أي على شك ويقال على حرف: بلسانه دون قلبه وروي عن الحسن قال يعبد الله على حرف أي: على إيمان ظاهر وكفر باطن ويقال على حرف أي: على انتظار الرزق وهذه الآية مدنية نزلت في أناس من بني أسد أصابتهم شدة شديدة فاحتملوا العيال حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأغلوا الأسعار بالمدينة {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ} يعني: إن أصابه سعة وغنية وخصب اطمأن به وقال نعم الدين دين محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} أي: بلية وضيق في المعيشة {ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ} أي: رجع إلى كفره الأول وقال: بئس الدين دين محمد {خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ} أي: غبن الدنيا والآخرة في الدنيا بذهاب ماله وفي الآخرة بذهاب ثوابه ويقال: خسر الدنيا والآخرة لأنه لم يدرك ما طلب من المال وفي الآخرة بذهاب الجنة وروي عن حميد أنه كان يقرأ (خَاسِرَ) بالألف وقراءة العامة خسر بغير ألف {ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرٰنُ ٱلْمُبِينُ} يعني: الظاهر البين.