خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً
٢٠
-الفرقان

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } جواباً لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام { إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلأَسْوَاقِ } يعني: كانت الرسل من الآدميين ولم يكونوا من الملائكة عليهم السلام ثم قال: { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ } يقول: ابتلينا بعضكم ببعض الفقير بالغني والضعيف بالقوي وذلك أن الشريف إذا رأى الوضيع قد أسلم أنف عن الإسلام وقال: أأسلم فأكون مثل هذا فثبت على دينه حمية يقول الله تعالى للشريف (أَتَصْبِرُونَ) أن تكونوا شرعاً سواء في الدين { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } أي عالماً بمن يؤمن ومن لا يؤمن ويقال (جعلنا بعضكم لبعض فتنة يعني بلية الغني للفقير والقوي للضعيف لأن ضعفاء المسلمين وفقراءهم إذا رأوا الكفار في السعة والغنى - يتأذون منهم وكان في ذلك بلية لهم فقال تعالى (أَتصبرون) اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الأمر يعني اصبروا كقوله { { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ } [المائدة: 74] يعني توبوا إلى الله ويقال: أهل النعم بلية لأهل الشدة لأن أهل الشدة إذا رأوا أهل النعمة تنغص عيشهم فأمرهم الله تعالى بالصبر وذكر عن بعض المتقدمين أنه كان إذا رأى غنياً من الأغنياء يقول: نصبر يا رب نصبر يا رب أراد جواباً لقوله تعالى { أَتَصْبِرُونَ } وكان ربك بصيراً يعني: عالماً بمن يصلح له الغنى والفقر ويقال { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } يعني: عالماً بثواب الصابرين.