خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً
٣٥
فَقُلْنَا ٱذْهَبَآ إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً
٣٦
وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً
٣٧
وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً
٣٨
وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً
٣٩
-الفرقان

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: أعطينا موسى التوراة. { وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَـٰرُونَ وَزِيراً } أي: معيناً { فَقُلْنَا ٱذْهَبَا إِلَى ٱلْقَوْمِ } يعني: به موسى كقوله عز وجل في سورة طه { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ } [طه: 42] خاطب موسى خاصة إلى القوم { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } يعني: فرعون وقومه كذبوا بآياتنا أي بتوحيدنا وديننا وقال الكلبي يعني: كذبوا بآياتنا التسع وقال بعضهم هذا التفسير خطأ لأن الآيات التسع أعطاها الله تعالى موسى بعد ذهابه إليه وقد قيل معناه اذهبا إلى القوم وهذا الخطاب لموسى عليه السلام ثم قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } يعني: بالعلامات التي خلق الله تعالى في الدنيا ويقال بآياتنا يعني: بالرسل وبكتب الأنبياء عليهم السلام الذين قبل موسى ثم قال: { فَدَمَّرْنَـٰهُمْ تَدْمِيراً } يعني: كذبوهما فأهلكناهم إهلاكاً ويقال: في الآية تقديم قوله تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب يعني: كتاباً قبل التوراة قوله عز وجل: { وَقَوْمَ نُوحٍ } يعني: واذكر قوم نوح عليه السلام: { لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ } يعني: نوحاً وحده كما قال { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ } [المؤمنون: 51] ولم يكن إلا واحد وقت هذا الخطاب فيجوز أن يذكر الجماعة ويراد به الواحد كما يذكر الواحد ويراد به الجماعة كقوله { وَٱلْعَصْرِ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } [العصر: 1- 2] وإنما أراد به الناس ألا ترى أنه استثنى منه جماعة ويقال: إن نوحاً كان يدعو قومه إلى الإيمان به وبالأنبياء الذين بعده فلما كذبوه فقد كذبوا جميع الرسل فلهذا قال { لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ } { أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً } يعني: عبرة لمن بعدهم { وَأَعْتَدْنَا لِلظَّـٰلِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } أي: وجيعاً، ثم قال عز وجل: { وَعَاداً وَثَمُوداً وَأَصْحَـٰبَ ٱلرَّسِّ } يعني: واذكر عاداً وثمود وأصحاب الرس وهم قوم قد نزلوا عند بئر كانت تسمى الرس فكذبوا رسلهم فأهلكهم الله تعالى ويقال إنما سُمُّوا أصحاب الرس لأنهم قتلوا نبيهم ورسولهم في بئر لهم وقال مقاتل: يعني: البئر التي كان فيها أصحاب ياسين بأنطاكية التي بالشام { وَقُرُوناً بَيْنَ ذٰلِكَ كَثِيراً } يعني: أهلكنا أمماً بين قوم نوح وعاد وبين عاد وثمود إلى أصحاب الرس كثيراً { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ } يعني: بينا لهم العذاب أنه نازل بهم في الدنيا { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } أي: دمرناهم بالعذاب تدميراً يقال تبره إذا أهلكه.