خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً
٤
وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
٥
قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
٦
وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً
٧
أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً
٨
ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً
٩
-الفرقان

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني: كفار مكة { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ } يعني: ما القرآن إلا كذب { ٱفْتَرَاهُ } يعني: كذباً اختلقه من ذات نفسه { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءاخَرُونَ } يعني: جبراً ويساراً { فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً } وقال بعضهم: هذا قول الله تعالى رداً على الكفار بقولهم هذا { فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً } يعني: شركاً وكذباً { وَقَالُواْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا } يعني: أباطيل اكتتبها أي كتبها من جبر ويسار يعني أساطير الأولين { فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } يعني: تقرأ وتملى عليه { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } يعني: غدوة وعشية قوله عز وجل: { قُلْ } يا محمد { أَنزَلَهُ } يعني: القرآن { ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسّرَّ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني: يعلم السر والعلانية ومعناه: لو كان هذا القول من ذات نفسه لعلمه الله تعالى وإذا علمه عاقبه كما قال تعالى: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } [الحاقة: 44، 45] ثم قال: { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } فكأنه يقول: إرجعوا وتوبوا فإنه كان غفوراً لمن تاب رحيماً بالمؤمنين قوله عز وجل: { وَقَالُواْ مَّالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } مثل ما نأكل { وَيَمْشِى فِى ٱلأَسْوَاقِ } يعني: يتردد في الطريق { لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } يعني: معيناً يخبره بما يراد به من الشر { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ } يعني: يعطى له كنز { أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ } يعني: بستاناً { يَأْكُلُ مِنْهَا } أي: وذلك أن كفار قريش اجتمعوا في بيت فبعثوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاهم فقال له العاص بن وائل السهمي وقريش معه: قد تعلم يا محمد أن لا بلاد أضيق من بلادنا ساحة ولا أقل أنهاراً ولا زرعاً ولا أشد عيشاً فادع ربك أن يسير عنا هذه الجبال حتى يفسح لنا في بلادنا ثم يفجر لنا فيها أنهاراً حتى نعرف فضلك عند ذلك ونراك تمشي في الأسواق معنا تبتغي من سير العيش فاسأل ربك أن يجعل لك قصوراً أو جناناً وليبعث معك ملكاً يصدقك فنزل حكاية عن قولهم { أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا } قرأ حمزة والكسائي نأكل بالنون وقرأ الباقون بالتاء { وَقَالَ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ } يعني: ما تطيعون يا أصحاب محمد { إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا } يعني: مغلوب العقل ويقال: مسحوراً أي مخلوقاً لأن الذي يكون مخلوقاً يكون حياته بالمعالجة بالأكل والشرب فيسمى مسحوراً ويقال: مسحوراً أي: سحر به قوله عز وجل: { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } يعني: انظر يا محمد كيف وصفوا لك الأشباه إلى ماذا شبهك قومك بساحر وكاهن وكذاب { فُضلُّواْ } عن الهدى ويقال: ذهبت حيلتهم وأخطأوا في المقالة { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } يعني: لا يجدون حيلة ولا حجة على ما قالوا لك ولا مخرجاً لأنه تناقض كلامهم حيث قالوا مرة مجنون ومرة ساحر.