خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً
٤٧
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً
٤٨
لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً
٤٩
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً
٥٠
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً
٥١
فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً
٥٢
-الفرقان

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِبَاساً } يعني: سكناً لتسكنوا فيه ويقال لباساً ستراً يستر جميع الأشياء { وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً } يعني: راحة للخلق ليستريحوا فيه بالنوم { وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } أي: للنشور ينتشرون فيه لابتغاء الرزق ثم قال عز وجل: { وَهُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَـٰحَ بُشْرًا } يعني: تنشر السحاب والاختلاف في القراءات كما ذكرنا في سورة الأعراف { بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ } يعني: قدام المطر { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً طَهُوراً } يعني: مطهراً يطهر به الأشياء ولا يطهر بشيء { لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } يعني: أرضاً لا نبات فيها فينبت بالمطر { وَنُسْقِيَهُ } يعني: نسقي بالمطر { مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَـٰماً وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً } وهو جماعة الإنس يعني: نسقي به الناس والدواب لفظ البلدة مؤنث إلا أن معنى البلدة والبلد واحد فانصرف إلى المعنى ولو قال ميتة لجاز إلا أنه لم يقرأ ثم قال عز وجل: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَـٰهُ بَيْنَهُمْ } يعني: قسمناه بين الخلق ويقال نصرفه من بلد إلى بلد مرة بهذا البلد ومرة ببلد آخر كما روي عن ابن مسعود أنه قال ما من عام بأمطر من عام ولكن الله تعالى يصرفه (في الأرض ثم قرأ هذه الآية كما روي عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من سنة بأمطر من أخرى ولكن إذا عمل قَوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم فإذا - عصوا جميعاً صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار" وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما من عام بأكثر من عام ولكنه يصرفه) حيث يشاء فذلك قوله تعالى: ولقد صرفناه بينهم { لّيَذَّكَّرُواْ } يعني: ليتعظوا في صنعه فيعتبروا في توحيد الله تعالى فيوحدوه وقرأ حمزة والكسائي ليذكروا بالتخفيف وضم الكاف وقرأ الباقون بالتشديد والنصب ثم قال: { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا } يعني: كفراناً في النعمة وهو قولهم مطرنا بنوء كذا ويقال: إلا جحوداً وثباتاً على الكفر قوله عز وجل: { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } قال مقاتل: ولو شئنا لبعثنا في زمانك في كل قرية رسولاً ولكن بعثناك إلى القرى كلها رسولاً اختصصناك بها { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } وذلك حين دعوه إلى ملة آبائه { وَجَـٰهِدْهُمْ بِهِ } أي: بالقرآن { جِهَاداً كَبيراً } يعني: شديداً.