خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
٦٠
أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٣
أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦٤
قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
٦٥
بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ
٦٦
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ
٦٧
لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٦٨
-النمل

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وٱلأرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء مَاءً } يعني: المطر { فَأَنبَتْنَا بِهِ } يعني: بالمطر { حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } يعني: البساتين وأحدها حديقة وإنما سميت حديقة لأنها محاطة بالحيطان وقال بعضهم: إذا كانت ذا شجر يقال لها: حديقة سواء كان لها حائط أو لا ذات بهجة يعني: ذات حسن { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } يعني: ما كان لمعبودكم قوة ويقال: ما كان ينبغي لكم أن تنبتوا شجرها ويقال ما قدرتم عليه وقرأ أبو عمرو وعاصم أما يشركون بالياء على معنى الخبر وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ عاصم في رواية أبي بكر قدرناها بتخفيف الدال والباقون بالتشديد ثم قال: { أَإِلهٌ مَّعَ ٱللهِ } يعينه على صنعه اللفظ لفظ الإستفهام والمراد به الإنكار والزجر { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } يعني: يشركون الأصنام ثم قال عز وجل: { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } يعني: مستقراً لا تميد بأهلها ويقال: قراراً أي سكناً لأهلها { وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَاراً } أي: فجر بسواد الأرض أنهاراً ويقال: شق بينهما أنهاراً { وَجَعَلَ لَهَا } أي خلق لها { رَوَاسِىَ } أي: خلق للأرض الجبال الثوابت { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً } يعني: العذب والمالح حاجزاً يعني: ستراً مانعاً بقدرته لا يختلطان بعضهما في بعض { أَإِلهٌ مَّعَ ٱللهِ } يعينه على صنعه { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني: ولكن أكثرهم لا يعلمون بتوحيد الله عز وجل: { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } يعني: أمن يستجيب في البلاء للمضْطَّر إذا دعاه { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوءَ } يعني: ومن يكشف الضر { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء ٱلأَرْضِ } يعني: سكان الأرض بعد هلاك أهلها { أَإِلهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } قرأ أبو عمرو وابن عامر في إحدى الروايتين بالياء على معنى الخبر عنهم وقرأ الباقون تذكرون بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ حمزة والكسائي بتخفيف الذال وقرأ أبو عمرو ونافع في رواية قالون أإله مع الله بالهمز والمد وقرأ الباقون بغير مد بهمزتين ثم قال عز وجل: { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } يعني: من يرشدكم في أهوال البر والبحر { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرّيَاحَ بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ } يعني: قدام المطر { أَإِلهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: تعظم الله عما يشركون { أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } يعني: خلقهم ولم يكونوا شيئاً ثم يعيدهم في الآخرة { وَمَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء } يعني: المطر { وٱلأرْضِ } يعني: النبات { أَإِلهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } يعني: حجتكم وعلتكم بأنه صنع شيئاً من هذا غير الله { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } بأن مع الله آلهة أخرى { قُلْ } يا محمد لكفار مكة: { لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وٱلأرْضِ } من الملائكة والناس { ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } يعني: متى تقوم الساعة إلا الله رفع على معنى البدل فكأنه يقول لا يعلم أحد الغيب إلا الله أي: لا يعلم ذلك إلا الله { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } يعني: متى يبعثون أو أن يبعثون ومتى يبعثون قوله عز وجل: { بَلِ ٱدرَكَ عِلْمُهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأدرك قرأ الباقون ادراك بالألف فمن قرأ أدرك فمعناه: أدرك علمهم علم الآخرة وروي عن السدي قال: اجتمع علمهم يوم القيامة فلم يشكوا ولم يختلفوا ويقال: معناه: علموا في الآخرة أن الذين كانوا يوعدون حق ولا ينفعهم ذلك ومن قرأ إدراك فأصله تدارك فادغم التاء في الدال وشددت وأدخلت ألف الوصل ليسلم السكون للدال ومعناه تتابع علمهم أي حكمهم على الآخرة واستعمالهم الظنون في علم الآخرة فهم يقولون تارة: إنها تكون وتارة: لا تكون الساعة ويقال: معناه: تدارك أي: تكامل علمهم يوم القيامة بأنهم يبعثون ويشاهدون ما وعدوا { بَلْ هُمْ فِى شَكّ مّنْهَا } أي: من قيام الساعة في الدنيا { بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } يعني: يتعامون عن قيامها ويقال: بل هم منها عمون أي: من علمها جاهلون وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: بل إدراك وهذه القراءة أشد إيضاحاً للمعنى الذي ذكرناه ثم حكى قول الكفار فقال عز وجل: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَءذَا كُنَّا تُرَاباً وَءابَاؤُنَا أَءنَّا لَمُخْرَجُونَ } يعني: أحياء من القبور { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا } يعني: هذا الذي يقول محمد عليه السلام: { نَحْنُ وَءابَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا } الذي يقول { إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } يعني: أحاديث الأولين وكذبهم مثل حديث رستم واسفنديار ويقال: إن هذا إلاَّ مثل رسل الأولين مما كذبوا.