خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦٢
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ
٦٣
قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
٦٤
يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٦٥
هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٦٦
-آل عمران

بحر العلوم

ثم قال الله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ } يعني ما [أُخْبِرُوا] من أمر عيسى عليه السلام هو الخبر الحق يعني أنه كان عبدَ الله ورسولَه. ويقال: هذا القرآن هو الحق: { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ } لا شريك له { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } العزيز في ملكه، الحكيم في أمره حكم بخلق عيسى في بطن أمه من غير أب. { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يقول: أَبَوْا، ولم [يسْلموا] { فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ } يجازيهم بذلك، وهذه كلمة تهديد { قُلْ يٰ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } يعني كلمة عدل بيننا وبينكم. ويقال في قراءة عبد الله بن مسعود: "إلى كلمة عدل بيننا وبينكم" يعني، لا إِله إِلاَّ الله وهي كلمة الإخلاص ويقال: إلى كلمة تسوي بيننا وبينكم، فتصير دماؤكم كدمائنا، وأموالكم كأموالنا، { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ } يعني ألا نُوَحِّد إِلا الله { وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } من خلقه { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مّن دُونِ ٱللَّهِ } لأنهم اتخذوا عيسى رباً من دون الله ويقال: لا يطيع بعضنا بعضاً في المعصية كما قال: { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [سورة التوبة: 31] أي أطاعوهم في المعصية، ويقال: لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً كما قالت النصارى إن الله ثالثُ ثلاثة { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني أبوا عن التوحيد { فَقُولُواْ } لهم يا معشر المسلمين { ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } أي مخلصون لله بالعبادة والتوحيد ييٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِى إِبْرٰهِيمَ } وذلك أن اليهود والنصارى كانوا اجتمعوا في [بيت] مدرسة اليهود، وكل فريق يقول: كان إبراهيم منا، وكان على ديننا فنزل { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرٰهِيمَ } أي لِمَ تخاصمون في دين إبراهيم { وَمَا أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإِْنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ } يعني من بعد إبراهيم - عليه السلام - ولكن اليهودية والنصرانية إنما سميت بهذا الإسم بعد نزول التوراة والإنجيل. وقال الكلبي: نزلت في شأن النفر الذين كانوا بالحبشة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم جعفر الطيار وغيره [كما قال الله تعالى: { ٱتَّخَذُواْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً } أي أطاعوهم في المعصية] [وكانت] بينهم وبين أحبار الحبشة مناظرة في ذلك [الوقت] فنزلت هذه الآية. وقال الزجاج: هذه الآية أبين [الحجج] على اليهود والنصارى [بأن] التوراة والإنجيل أنزلا من عبده، وليس [فيهما] اسم لواحد من الأديان واسم الإسلام في كل كتاب وهو قوله: { لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرٰهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإِْنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ } { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } يقول: أليس لكم ذهن الإنسانية أن تنظروا فيما تقولون. { هـٰأَنتُمْ هَـٰؤُلآءِ حَـٰجَجْتُمْ } يقول أنتم يا هؤلاء خاصمتم { فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ } في صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - فتجدونه في كتبكم - { فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } يقول: ما ليس في كتابكم، وهو أمر إبراهيم - عليه السلام - { ٱللَّهُ يَعْلَمُ } أن إبراهيم كان على دين الإسلام { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ذلك.