خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٤١
قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ
٤٢
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ
٤٣
مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ
٤٤
لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ
٤٥
-الروم

بحر العلوم

{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } يعني: قحط المطر ونقص الثمار للناس والدواب يعني: نقص النبات في البر للدواب والوحوش وفي البحر يعني القرى والأرضين ينقصان الثمار والزرع سمى القرى والمدائن بحراً لما يجري فيها من الأنهار، ويقال البحر نفسه لأنه إذا لم يكن مطر فإنه لا يخرج منه اللؤلؤ { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ } أي: بما عملوا من المعاصي، ويقال: من أذنب ذنباً فجميع الخلق من الإنس والجن والدواب والوحوش والطير والذر خصماؤه يوم القيامة لأنه يمنع المطر بالمعصية فيضر بأهل البر والبحر، وروي عن ثقيف الزاهد أنه قال من أكل الحرام فقد خان جميع الناس حيث لا يستجاب دعاؤه، ويقال: ظهر الفساد في البر والبحر يعني: ظهرت المعاصي في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس يعني: بكسب الناس، فأول فساد البر كان من قابيل حيث قتل أخاه هابيل، وأول فساد البحر كان من جلندا حيث كان يأخذ كل سفينة غصباً وقال عطية العوفي ظهور الفساد: قحوط المطر، قيل له هذا فساد البر، فما فساد البحر؟ قال: إذا قل المطر قل الغوص وقال قتادة: ظهر الفساد في البر والبحر يعني امتلأت الضلالة والظلم في الأرض وروي عن أبي العالية أنه قال: البر الأعضاء والبحر القلوب يعني ظهر الفساد في الناس في الأعضاء وفي القلوب ثم قال: { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } يعني: يعذبهم ببعض ذنوبهم في الدنيا ويدخر البعض في الآخرة والذوق إنما هو كناية عن التعذيب فكأنه يقول يعذبهم بالجوع والقحط في الدنيا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي: لكي يرجعوا عن الكفر قرأ ابن كثير لنذيقهم بالنون أي لنذيقهم نحن وقرأ الباقون بالياء يعني: ليذيقهم الله عز وجل ثم خوفهم فقال عز وجل: { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } أي سافروا فيها { فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } يعني: كيف كان آخر أمر من كان قبلهم { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } فيعتبروا بذلك والنظر على وجهين: يقال نظر إليه إذا نظر بعينه، ونظر فيه إذا تفكر بقلبه، وها هنا قال فانظروا ولم يقل فيه ولا إليه فهو على الأمرين جميعاً ثم قال عز وجل: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ ٱلْقِيِّمِ } يعني: أخلص دينك الإسلام القيم يعني: المستقيم، ويقال أقبل بوجهك إليه ويقال اثبت عليه { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } يعني: يوم القيامة لا يقدر أحد أن يرد ذلك اليوم من الله، ويقال يعني: ذلك اليوم من الله ويقال لا خلف لذلك الوعد من الله { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يعني: يتصدعون فأدغم التاء في الصاد وشدد يعني: يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير ثم قال عز وجل: { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } يعني: جزاء كفره وعقوبته { وَمَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً } يعني: وحده وعمل بالطاعة بعد التوحيد { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } قال مقاتل: أي يقدمون وقال مجاهد: يعني لأنفسهم يفرشون في القبر ويقال في الجنة، ويقال فلأنفسهم يعملون ويستعدون قوله عز وجل: { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ينصرف إلى قوله يصدعون يعني: يتفرقون لكي يجزي الذين آمنوا { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِن فَضْلِهِ } يعني: من رزقه ويقال من ثوابه ويقال بفضله { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ } بتوحيد الله عز وجل ويقال لا يرضى دين الكافرين.