خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٢
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ
٤
يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ
٥
-السجدة

بحر العلوم

قوله تعالى: { الۤـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني: المنزل من الله عز وجل القرآن على معنى التقديم يعني أن هذا الكتاب تنزيل من الله عز وجل والكتاب وهو التنزيل ويقال: معناه نزل به جبريل عليه السلام بهذا التنزيل الكتاب يعني القرآن { لاَ رَيْبَ فِيهِ } يعني لا شك فيه أنه { مِن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } فلما نزله جبريل جحده قريش وقالوا: إنما يقوله من تلقاء نفسه فنزل: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } يعني: أيقولون اختلقه من ذات نفسه وقال أهل اللغة: فرى يفري إذا قطعه للإصلاح وأفرى يفري إذا قطعه للاستهلاك فأكذبهم الله عز وجل فقال { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } يعني: القرآن ولو لم يكن من الله عز وجل لم يكن حقاً وكان باطلاً ويقال: بل هو الحق من ربك يعني: نزل من عند ربك { لِتُنذِرَ قَوْماً } يعني: كفار قريش { مَّا أَتَـٰهُم مّن نَّذِيرٍ مِّنْ قَبْلِكَ } يعني: لم يأتهم في عصرك ولكن أتاهم من قبل لأن الأنبياء المتقدمين عليهم السلام ما كانوا إلى جميع الناس ويقال: معناه لم يشاهدوا نذيراً قبلك وإنما الإنذار قد كان سبق لأنه قال: { { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء: 15] وقد سبق الرسل ويقال ما آتاهم من نذير من قبلك يعني: من قومهم من قريش ثم قال: { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } يعني يهتدون من الضلالة وأصل الإنذار هو الإسلام يقال: أنذر العدو إذا أعلمه ثم دل على نفسه بصفة فقال عز وجل: { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من السحاب والرياح وغيره { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } ولو شاء خلقها في ساعة واحدة لفعل ولكنه خلقها في ستة أيام ليدل على التأني ويقال: خلقها في ستة أيام لتكون الأيام أصلاً عند الناس { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } فيها تقديم يعني: خلق العرش قبل السموات ويقال: علا فوق العرش من غير أن يوصف بالاستقرار على العرش ويقال: استوى أمره على بريته فوق عرشه كما استوى أمره وسلطانه وعظمته دون عرشه وسمائه { مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ } يعني من قريب ينفعكم في الآخرة { وَلاَ شَفِيعٍ } من الملائكة { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } يعني: أفلا تتعظون فيما ذكره من صفته فتوحدونه ثم قال عز وجل: { يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ } يقول: يقضي القضاء { مِنَ ٱلسَّمَاء إِلَى ٱلأَرْضِ } يعني يبعث الملائكة من السماء إلى الأرض { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } يعني يصعد إليه.

قال أبو الليثرحمه الله : حدثنا عمرو بن محمد بإِسناده عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن ابن سابط قال: يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل أما جبريل فموكل بالرياح والجنود وأما ميكائيل فموكل بالنبات والقطر وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمور عليهم فذلك قوله عز وجل: { يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَاء إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ } يعني في يوم واحد من أيام الدنيا كان مقدار ذلك اليوم { أَلْفَ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ } أنتم وقال القتبي: معناه يقضي في السماء وينزله مع الملائكة إلى الأرض فتوقعه الملائكة عليهم السلام في الأرض ثم يعرج إلى السماء فيكون نزولها ورجوعها في يوم واحد مقدار المسير على قدر سيرنا ألف سنة لأن بعد ما بين السماء والأرض خمسمائة عام فيكون نزوله وصعوده ألف عام في يوم واحد وروى جويبر عن الضحاك في يوم كان مقداره ألف سنة قال: يصعد الملك إلى السماء مسيرة خمسمائة عام ويهبط مسيرة خمسمائة عام في كل يوم من أيامكم وهو مسيرة ألف سنة.