خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ
٢٢
وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ
٢٣
-سبأ

بحر العلوم

قال عز وجل: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم } يعني قل لكفار مكة ادعو الذين زعمتم { مِنْ دُونِ ٱللَّهِ }أنهم آلهة فيكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم من الجوع يعني الأصنام ويقال: الملائكة - عليهم السلام - { لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ } يعني نملة صغيرة { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني إذا كان حالهم هذا فمن أين جعلوا لهم الشركة في العبادة ثم قال { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ } يعني في خلق السماوات والأرض من عون ويقال ما لهم فيها من نصيب { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مّن ظَهِيرٍ } يعني معين من الملائكة الذين يعبدونهم ثم ذكر أن الملائكة لا يملكون شيئاً من الشفاعة فقال عز وجل { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ } يعني لا تنفع لأحد لا نبياً ولا ملكاً { إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } أن يشفع لأحد من أهل التوحيد قرأ نافع وابن كثير وابن عامر في إحدى الروايتين إلا لمن أذن له بالنصب يعني حتى يأذن الله عز وجل له قرأ الباقون بالضم على فعل ما لم يسم فاعله ومعناه مثل الأول ثم أخبر عن خوف الملائكة أنهم إذا سمعوا الوحي خروا سجداً من مخافة الله عز وجل وكيف يعبدون من هذه حاله وكذلك قوله { حَتَّىٰ إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ }وذلك أن أهل السموات لم يكونوا سمعوا صوت الوحي بين عيسى ومحمد - عليهما السلام - فسمعوا صوتاً كوقع الحديد على الصفا (فخروا سجداً مخافة القيامة) وذلك صوت الوحي ويقال: صوت نزول جبريل - عليه السلام - فخروا سجداً مخافة القيامة، فهبط جبريل - عليه السلام - على أهل كل سماء فذلك قوله { حَتَّىٰ إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } وذكر عن بعض أهل اللغة أنه قال إذا كانت حتى موصولة بإذا تكون بمعنى لما تقع موقع الابتداء كقوله عز وجل: { { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً } /[المؤمنون: 77] كقوله حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج { حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } يعني لما فزع عن قلوبهم ومعناه انجلاء الفزع عن قلوبهم فقاموا عن السجود وسأل بعضهم بعضاً { قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ } يعني ماذا قال جبريل - عليه السلام - عن ربكم { قَالُواْ ٱلْحَقَّ } يعني الوحي قال حدثنا الفقيه أبو الليثرحمه الله قال حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الدبيلي قال حدثنا أبو عبد الله قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا قضى الله في السماء أمراً ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله وسمع لذلك صوت كأنها سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم، قالوا: الحق الذي قال فسيحي الشياطين بعضهم فوق بعض فإذا سمع الأعلى منهم الكلمة رمى بها إلى الذي تحته وربما أدركه الشهاب قبل أن ينبذها، وربما نبذها قبل أن تدركه فينبذها بعضهم إلى بعض حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على لسان الكاهن والساحر فيكذب معها مائة كذبة فيصدق فيقول أليس قد أخبر بكذا وكذا وكان حقاً وهي الكلمة التي سمع من السماء" قرأ ابن عامر حتى إذا فزع بنصب الفاء والزاي يعني كشف الله الفزع وقرأ الباقون بضم الفاء على معنى ما لم يسم فاعله، وقرأ الحسن حتى إذا فزع بالواو والغين يعني فرغ الفزع عن قلوبهم، وقراءة العامة بالزاي أي خفف عنها الفزع وقال مجاهد معناه حتى إذا كشف عنها الغطاء يوم القيامة ثم قال { وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ } يعني هو أعلى وأعظم وأجلّ من أن يوصف له شريك.