خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٦
وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ آمِنُونَ
٣٧
وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ
٣٨
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
٣٩
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ
٤٠
قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ
٤١
فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
٤٢
-سبأ

بحر العلوم

وهو قوله عز وجل: { قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَاء } أي يوسع المال لمن يشاء وهو مكر منه واستدراج { وَيَقْدِرُ } يعني يقتر على من يشاء وهو نظر له لكي يعطى في الآخرة من الجنة بما قتر عليه في الدنيا { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أن التقتير والبسط من الله عز وجل، ويقال: لا يصدقون أن الذين اختاروا الآخرة خير من الذين اختاروا الدنيا ثم أخبر الله تعالى أن أموالهم لا تنفعهم يوم القيامة فقال عز وجل { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ } يعني قربة، ومعناه وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا ولو كان على سبيل الجمع لقال بالذين يقربونكم لأن الحكم للآدميين إذا اجتمع معهم غيرهم ثم قال { إِلاَّ مَنْ آمَنَ } يعني إلا من صدق بالله ورسوله { وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَزَاء ٱلضّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ } يعني للواحد عشرة إلى سبع مائة، وإلى ما لا يحصى وقال القتبي: أراد بالضعف التضعيف أي لهم جزاء وزيادة، قال: ويحتمل جزاء الضعف أي جزاء الأضعاف كقوله: { { عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } [ص: 61] أي مضافاً وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: إن الغني إذا كان تقياً يضاعف الله له الأجر مرتين ثم قرأ هذه الآية { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ } إلى قوله: { فَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَزَاء ٱلضّعْفِ } يعني أجره مِثْلَيْ ما يكون لغيره، ويقال هذا لجميع من عمل صالحاً { وَهُمْ فِى ٱلْغُرُفَـٰتِ ءامِنُونَ } قرأ حمزة وهم في الغرفة وقرأ الباقون وهم في الغرفات والغرفة في اللغة: كل بناء يكون علواً فوق سفل، وجمعه غرف وغرفات، ومعناه وهم في الجنة آمنون من الموت والهرم والأمراض والعدو وغير ذلك من الآفات ثم قال عز وجل { وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِى ءايَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِينَ } والقراءة قد ذكرناها { أُوْلَـئِكَ فِى ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } يعني في النار معذبون { قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } وقد ذكرناه { وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء } يعني ما تصدقتم من صدقة { فَهُوَ يُخْلِفُهُ } يعني فإن الله يعطي خلفه في الدنيا وثوابه في الآخرة { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ } يعني أقوى المعطين وروى أبو الدرداء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "ما طلعت شمس ولا غربت شمس إلا بعث بجنبيها ملكان يناديان اللهم عجل لمنفق ماله خلفاً وعجل لممسك ماله تلفاً"

ثم قال عز وجل { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني الملائكة عليهم السلام ومن عبدهم قرأ بعضهم من أهل البصرة: يحسرهم بالياء يعني يحشرهم الله عز وجل وقراءة العامة بالنون على معنى الحكاية عن نفسه { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَـٰئِكَةِ أَهَـؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } يعني أنتم أمرتم عبادي أن يعبدوكم وهذا سؤال توبيخ كقوله لعيسى عليه السلام { { أَءَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى } [المائدة: 116] الآية { قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ } فنزهت الملائكة ربها عن الشرك، وقالوا سبحانك يعني تنزيهاً لك { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } ونحن بِرآء منهم من أن نأمرهم أن يعبدونا { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } يعني أطاعوا الشياطين في عبادتهم { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ }يعني مصدقين الشياطين مطيعين لها يقول الله تعالى { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً } يعني شفاعة { وَلاَ ضَرّا } يعني ولا دفع الضر عنهم { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني كفروا في الدنيا يقال لهم في الآخرة { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } إنها غير كائنة ثم أخبر عن أفعالهم في الدنيا.