قال عز وجل: { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } يعني: أي يعلم الذين أوتوا العلم وهذا روي في قراءة ابن مسعود يعني به مؤمني أهل الكتاب يعني: إنهم يعلمون أن { ٱلَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ } يعني: القرآن { هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِى } يعني: يدعو ويدل { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } يعني: إلى طريق الرب العزيز بالنقمة لمن لم يجب الرسل الحميد في فعاله قوله عز وجل: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني: كفار أهل مكة { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ } يعني: قال بعضهم لبعض هل ندلكم على رجل { يُنَبّئُكُمْ } يعني: يخبركم { إِذَا مُزّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } يعني: يخبركم أنكم إذا متم وتفرقتم في الأرض وأكلتكم الأرض كل ممزق يعني: وكنتم تراباً { إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } يعني: بعد هذا كله صرتم خلقاً جديداً قوله عز وجل { ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } يعني: قالوا إن الذي يقول إنكم لفي خلق جديد اختلق على الله كذباً { أَم بِهِ جِنَّةٌ } يعني: به جنون يقول الله { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } هم كذبوا حين كذبوا بالبعث { فِى ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلْبَعِيدِ } يعني: هم في العذاب في الآخرة والخطأ الطويل في الدنيا عن الحق ثم خوفهم ليعتبروا فقال عز وجل { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } لأن الإنسان حيثما نظر رأى السماء والأرض قال قتادة إن نظرت عن يمينك أو عن شمالك أو بين يديك أو من خلفك رأيت السماء والأرض { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } يعني: تغور بهم وتبتلعهم الأرض { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ ٱلسَّمَاء } يعني: جانباً من السماء قرأ حمزة والكسائي إن نشأ نخسف } أو يسقط، الثلاثة كلها بالياء وقرأ الباقون كلها بالنون فمن قرأ بالياء فمعناه إن يشأ الله ومن قرأ بالنون فهو على معنى الإضافة إلى نفسه ثم قال عز وجل: { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } يعني: لعبرة { لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } يعني: مقبل إلى طاعة الله عز وجل ويقال مخلص القلب بالتوحيد ويقال مشتاق إلى ربه ويقال { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } يعني: أفلم يعلموا أن الله خالقهم وخالق السماوات والأرض وهو قادر على أن يخسف بهم إن لم يوحدوا { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } أي لعلامة لوحدانيتي.