خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ
٤١
فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ
٤٢
فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٤٣
عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
٤٤
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ
٤٥
بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ
٤٦
لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ
٤٧
وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ
٤٨
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ
٤٩
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ
٥٠
قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ
٥١
يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ
٥٢
أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ
٥٣
قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ
٥٤
فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ
٥٥
قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ
٥٦
-الصافات

بحر العلوم

قال { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } يعني: طعام معلوم معروف حين يشتهونه على قدر غدوة وعشية، ثم بين الرزق فقال { فَوٰكِهُ } يعني: ألوان الفاكهة { وَهُم مُّكْرَمُونَ } بالثواب، ويقال منعمون { فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } في الزيارة { يُطَافُ عَلَيْهِمْ } يعني: يطوف عليهم خدمهم { بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ } يعني: خمراً جارياً (من معين) يعني: الطاهر الجاري بيضاء يعني: بخمرة توجب اللذة { بَيْضَاء لَذَّةٍ } يعني: شهوة { لِلشَّارِبِينَ، لاَ فِيهَا غَوْلٌ } يعني: ليس فيها إثم ويقال لا غائلة لها، ولا يوجع منها الرأس، وروى شريك عن سالم قال لا فيها غول أي لا مكروه فيها ولا أذى، وقال القتبي لا فيها غول أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها. يقال: الخمر غول للحلم، والحرب غول للنفوس، والغول البعد { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } قرأ حمزة والكسائي (يُنزِفُونَ) بكسر الزاي، وقرأ الباقون بالنصب، فمن قرأ بالنصب فمعناه لا يذهب عقولهم شربها ويقال للسكران نزيف، ومنزوف إذا زال عقله، ومن قرأ بالكسر فله معنيان: أحدهما لا ينفذ شرابهم أبداً، والثاني أنهم لا يسكرون ثم قال عز وجل: { وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } يعني: غاضات الأعين عن غير أزواجهن، يعني: قصرن طرفهن على أزواجهن وقنعن بهم ولا يبغين بهم بدلاً ثم قال: (عين) أي حسان الأعين شدة البياض في شدة السواد، يقال لواحدة العين عيناء يعني: كبيرة العين، ويقال الحسن العيناء التي سواد عينها أكثر من بياضها ثم قال: { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } يعني: إنهن أحسن بياضاً من بيض النعم، والعرب تشبه النساء ببيض النعام، يقال لا يكون لون البياض في شيء أحسن من بيض النعام وقال قتادة البيض التي لم تلوثه الأيدي، ويقال البيض أراد به القشر الداخل من البيض، المكنون قد خبأ وكنَّ من البرد والحر { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } يعني: يسأل بعضهم بعضاً عن حاله في الدنيا قوله عز وجل: { قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } يعني: من أهل الجنة { إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ } وهو الذي بيّن الله تعالى أمرهما في سورة الكهف { { جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَـٰبٍ } [الكهف: 32] فكانا أخوين وشريكين وأنفق أحدهما ماله في أمر الآخرة، واتخذ الآخر لنفسه ضياعاً وخدما، واحتاج المؤمن إلى شيء، فجاء إلى أخيه الكافر يسأله، فقال له الكافر ما صنعت بمالك؟ فأخبره أن قدمه إلى الآخرة، فقال له الكافر { يِقُولُ أَءنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدّقِينَ } يعني: إنك ممن يصدق بالبعث، وطلب منه أن يدخل في دينه، ولم يقض حاجته، فذلك قوله { أَءنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدّقِينَ } يعني: بالبعث بعد الموت قوله عز وجل: { أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءنَّا لَمَدِينُونَ } يعني: لمحاسبون، فيقول المؤمن لأصحابه في الجنة { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } حتى ننظر إلى حاله وإلى منزله، فيقول أصحابه: اطلع أنت فإنك أعرف به منا { فَٱطَّلَعَ } يعني: فنظر في النار { فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } يعني: رأى أخاه في وسط الجحيم أسود الوجه مزرق العين، فيقول المؤمن عند ذلك قوله: { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } يعني: والله لقد هممت لتغويني ولتضلني، ويقال: لتردين أي لتهلكني، يقال أرديت فلان: أي أهلكته، والردى: الموت والهلاك، وقال القتبي في قوله { إِنَاْ لَمَدِينُونَ } أي مجازون بأعمالنا، يقال: دنته بما عمل: أي جازيته.