خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ
١
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ
٢
كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ
٣

بحر العلوم

قوله تعالى: { صۤ، وَٱلْقُرْآنِ } قرأ الحسن (صاد) بالكسر وجعلها من المصادات، يقول عارض القرآن، (أي عارض عملك بالقرآن، ويقال بقلبك)، وروى معمر عن قتادة، في قوله (صۤ) قال: هو كما تقول، تلق كذا أي هيىء نفسك لقدوم فلان، يعني: طهر نفسك بآداب القرآن، كما قال - صلى الله عليه وسلم - "القرآن مأدبة الله تعالى فتطعموا من مأدبته" وكان عيسى بن يعمر يقرأ (صَادَ) بالنصب، وكذلك يقرأ (قاف) و (نون) بالنصب، ومعناه اقرأ صاد، وقراءة العامة بسكون الدال، لأنها حروف هجاء، فلا يدخلها الإعراب، وتقديرها الوقف عليها، وقيل في تفسير قول الله تعالى: (صۤ) يعني الله هو الصادق. ويقال هو قسم { وَٱلْقُرْءانِ } عطف عليه قسم بعد قسم، ومعناه أقسمت بصاد وبالقرآن، وقال علي بن أبي طالب الصاد اسم بحر في السماء، وقال ابن مسعود في قوله { صۤ، وَٱلْقُرْءانِ } يعني صادقوا القرآن حتى تعرفوا الحق من الباطل، وقال الضحاك معناه صدق الله، ثم قال والقُرآنِ { ذِي ٱلذِّكْرِ } يعني والقرآن ذي الشرف، ويقال فيه ذكر من كان قبله وجواب القسم عند قوله: { { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } [ص: 64] والجواب قد يكون مؤخراً عن الكلام كما قال: { { وَٱلْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ } [الفجر: 1، 2] وجوابه قوله: { { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الفجر: 14] وقوله: { { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } [البروج: 1] وجوابه، قوله: { { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } [البروج: 12] وقال بعضهم جواب القسم هٰهنا { كَمْ أَهْلَكْنَا } ومعناه لكم أهلكنا، فلما طال الكلام حذف اللام، ثم قال: { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ } أي في حمية كقوله: { { أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ } [البقرة: 206] يعني الحمية، ويقال في عزة: يعني في تكبر { وَشِقَاقٍ } يعني في خلاف من الدين بعيد، ويقال: في عداوة ومباعدة وتكذيب، وقال القتبي بل في اللغة على وجهين: أحدهما لتدارك كلام غلطت فيه تقول رأيت زيداً بل عمرواً، والثاني أن يكون لترك شيء، وأخذ غيره من الكلام كقوله: { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } ثم خوفهم فقال عز وجل: { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ } يعني من أمة { فَنَادَوْاْ } يعني فنادوا في الدنيا واستغاثوا { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } يعني وليس تحين فرار، قال الكلبي: فكانوا إذا قاتلوا قال بعضهم لبعض مناص، يعني يقول احمل حملة واحدة فينجو من نجا، ويهلك من هلك، فلما أتاهم العذاب، قالوا مناص، مثل ما كانوا يقولون، فقال الله تعالى ليس تحين فرار، وهي لغة اليمن، وقال القتبي النوص: التأخر والبوص: التقدم في كلام العرب وروى معمر عن قتادة في قوله { فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } قال نادوا على غير حين النداء، وقال عكرمة: نادوا وليس تحين انفلات، وقال أبو عبيدة اختلفوا في الوقف، فقال بعضهم يوقف عند قوله { وَّلاَتَ } ثم يبتدأ بــ { حِينَ مَنَاصٍ } لأنا لا نجد في شيء من كلام العرب ولات، أما المعروف لا، ولأنَّ تفسير ابن عباس يشهد لها، وذلك أنه قال ليس تحين فرار وليس هي أخت لا، ولا بمعناها، قال أبو عبيد ومع هذا تعمدت النظر في الذي يقال له مصحف الإمام وهو مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه فوجدت التاء متصلة مع حين.