خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٧٠
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ
٧١
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ
٧٢
فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
٧٣
إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
٧٤
قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ
٧٥
قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
٧٦
قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
٧٧
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ
٧٨
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
٧٩
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ
٨٠
إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ
٨١
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
٨٢
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ
٨٣
قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ
٨٤
لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ
٨٥
قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ
٨٦
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
٨٧
وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ
٨٨

بحر العلوم

{ إِن يُوحَىٰ إِلَىَّ } يعني ما يوحي إليَّ { إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } إِلاَّ أَنا رسول بين ثم قال عز وجل { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَراً مّن طِينٍ } يعني آدم { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } يعني جمعت خلقه { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } يعني وجعلت الروح فيه { فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } يعني اسجدوا له { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } يعني سجدوا كلهم دفعة واحدة { إِلاَّ إِبْلِيسَ } أبى عن السجود و { ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني وصار من الكافرين { قَالَ يَـا إِبْلِيسَ } ما منعك يعني يا خبيث { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ } يعني الذي خلقته بيدي، قال بعضهم نؤمن بهذه الآية ونقرؤها، ولا نعرف تفسيرها يعني قوله بيدي، يعني الذي خلقت بيدي، وقال بعضهم تفسيرها كما قال الله تعالى، خلقته بيدي، ولا نفسر اليد، ونقول يد لا كالأيدي وهذا قول أهل السنة والجماعة، وقال بعضهم نفسرها بما يليق من صفات الله تعالى يعني خلقه بقدرته وقوته وإرادته، فإن قيل: قد خلق الله عز وجل سائر الأشياء بقوته وقدرته وإرادته فما الفائدة في التخصيص هنا؟ قيل له: قد ذكر اليد في خلق سائر الأشياء أيضاً وهو قوله: { { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعـٰماً } [يس: 71] ويقال { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ } أي بقوتي، قوة العلم، وقوة القدرة، ويقال خلقته بيدي: أي بماء السماء، وتراب الأرض كقوله، آدم خلقه من تراب، وكما قال عليه السلام "خلق الله تعالى الخلق من ماء" وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن" وكذلك الأخبار قد جاء فيها أيضاً ما له ظهر وبطن، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "لاَ تَقُولُوا فَلاَنٌ قَبِيح فَإِن الله عز وجل خلق آدم عَلَى صُورَتِهِ" ومن قال إن لله تعالى صورة كصورة آدم فهو كافر، ولكن المعنى في الخبر ما روي عن بعض المتقدمين أنه قال: إن الله تبارك وتعالى اختار من الصور صورة وخلق آدم عليه السلام بتلك الصورة، فمن ذلك قال: "إن الله تعالى خلق آدم على صورته" ، ،أي على تلك الصورة التي اختارها الله، روى شبل عن ابن كثير أنه قرأ: (بِيَدَىَّ اسْتَكْبَرَتَ) موصولة الألف، وقراءة العامة بقطع الألف على الاستفهام بدليل قوله عز وجل { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ } ومن قرأ موصولة فهو على معنى الوجوب، وتكون أم بمعنى بل { أَسْتَكْبَرْتَ } يعني تعظمت عن السجود { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ } يعني: بل كنت من العالين، من المخالفين لأمري { قَالَ } إبليس { أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } قوله عز وجل: { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّين، قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } وقد ذكرناه من قبل { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِين } { قَالَ فَٱلْحَقُّ، وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } يقال معناه قولي الحق وأقول الحق، قرأ حمزة وعاصم (فالحَقُّ) بضم القاف، وقرأ الباقون واتفقوا في الثاني أنه بالنصب، فمن قرأ بالضم فمعناه: أنا الحق والحق أقول، ويقال: فمعناه فالحق مني، والحق أقول ويقال معناه فقولنا الحق، وأقول الحق { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } ومن قرأ بالنصب فهو على معنى الإغراء يعني الزموا الحق، واتبعوا الحق، ثم قال: { وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } يعني وأقول الحق كقوله عز وجل: { { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [النساء: 122] ثم قال عز وجل: { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } يعني من ذريتك، وممن تبعك في دينك { قُلْ } يا محمد { مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } يعني على الذي أتيتكم به من القرآن من أجر، ولكن أعلمكم بغير أجر { وَمَا أَنَا مِنَ ٱلْمُتَكَلّفِينَ } يعني: ما أتيتكم به من قبل نفسي، وما تكلفته من تلقاء نفسي، { إِنْ هُوَ } يعني: ما هذا القرآن { إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَـٰلَمِينَ } يعني: إلا عظة للجن، والإنس، { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } يعني: خبر هذا القرآن أنه حق، بعد حين يعني بعد الموت، ويقال: بعد الإسلام، ويقال بعد ظهور الإسلام. والله أعلم بالصواب.