خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً
٤٣
-النساء

بحر العلوم

ثم قال تعالى: { يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَـٰوةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } قال مقاتل: وذلك أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاماً، فدعا أبا بكر، وعمر وعثمان، وعلياً، وسعداً - رضي الله عنهم - فأكلوا، وسقاهم خمراً، فحضرت صلاة المغرب فأمهم علي، فقرأ { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَـٰفِرُونَ } [سورة الكافرون: 1] على غير الوجه، فنزل { يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ، لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَـٰوةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } { حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } وكان ذلك قبل تحريم الخمر. وقال { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَـٰوةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ }، يعني موضع الصلاة وهو المسجد، حتى تعلموا ما تقولون، ويقال: حتى تصيروا بحال تعلمون ما تقولون، فحينئذ تقربوا المسجد، لأنهم إذا لم يعلموا ما يقولون فلا يعرفون الحرمة. ثم قال تعالى: { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } يقول: ولا تقربوا الصلاة جنباً إلا عابري سبيل، يعني إلا أن يكون مسافراً، فلا يجد الماء، فيتيمم ويصلي إذا كان جنباً، وقال الزجاج: وحقيقته ألا تصلوا إذا كنتم جنباً { حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ } إلا أن لا تقدروا على الماء. وقال القتبي: لا تقربوا الصلاة، يعني لا تقربوا المساجد، وأنتم جنب إلا مجتازين وقال بعضهم: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى من النوم. وروى [السدي] عمن حدثه عن ابن عباس في قوله: { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } قال: في السفر يتيمم ويصلي. ويقال: إلا أن تكون في المسجد عين فيدخل ليغترف الماء. ثم قال تعالى: { وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَىٰ }، نزلت في عبد الرحمن بن عوف أصابته جنابة، وهو جريح، فرخص له بأن يتيمم، ثم صارت الآية عامة في جميع الناس. وروي عن عبد الله بن عباس، وجابر بن سمرة وغيرهما من الصحابة، "أن رجلاً كان به جدري على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصابته جنابة فغسلوه فمات من ذلك، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قتلوه قتلهم الله فهلا يمموه" . وروي عن ابن عباس أنه قال: وإن كنتم مرضى، قال: فإنما هو المجذوم والمجدور والمقروح. ثم قال تعالى: { أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ } أي إذا كنتم مسافرين { أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنْكُمْ مّن ٱلْغَائِطِ } والغائط في اللغة: إسم المكان المطمئن من الأرض، وإنما هو كناية عن قضاء الحاجة. ثم قال تعالى: { أَوْ لَـٰمَسْتُمُ ٱلنّسَاء }، قرأ حمزة والكسائي: (أو لمستم)، وقرأ الباقون: (لامستم) من الملامسة، قال ابن عباس: يعني الجماع، وقال بعضهم: هو المس باليد. { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً } يعني إذا أصابكم الحدث أو الجنابة، ولم تجدوا ماءً، فتيمموا صعيداً طيباً أي تراباً نظيفاً. ويقال الصعيد: هو ما علا وجه الأرض. { فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ }. قال بعضهم: الوجه والكفين، وهو قول الأعمش والأوزاعي. وقال بعضهم: إلى المنكبين، وهو قول الزهري. وقال عامة أهل العلم: الوجه واليدين إلى المرفقين وبذلك جاءت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن عامة الصحابة اعتباراً بالوضوء ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً } أي ذو الفضل والعفو حين أجاز لكم التراب مكان الماء، غفوراً لتقصيركم.