قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ} نزلت الآية في أبي جهل وأصحابه، فإنه قال: إذا تلى محمد القرآن، فارفعوا أصواتكم بالأشعار والكلام في وجوههم حتى تلبسوا عليهم فذلك قوله {وَٱلْغَوْاْ فِيهِ} يعني: الغطوا، واللغط هو: الشغب والجلب {لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} أي تغلبوهم فيسكتون، قال الزجاج: قوله {وَٱلْغَوْاْ فِيهِ} أي عارضوه بكلام لا يفهم يكون ذلك الكلام لغواً، يقول الله تعالى: {فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً} يعني: في الدنيا بالقتل {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} في الآخرة {أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يعني: أقبح ما كانوا يعملون، ويقال: هذا كله من عذاب الآخرة، يعني: فلنذيقن الذين كفروا في الآخرة عذاباً شديداً، ولنجزينهم من العذاب أَسْوَأَ ما كانوا يعملون، يعني بأسوء أعمالهم وهو الشرك {ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء ٱللَّهِ ٱلنَّارُ} يعني: ذلك العذاب الشديد هو جزاء أعداء الله النَّارُ يعني: ذلك العذاب هو النار، ويقال صار رفعاً بالبدل عن الجزاء، ثم قال: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ} يعني: في النار موضع المقام أبداً {جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} يعني: بالكتاب، والرسل قوله تعالى: {وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنِ} يعني الصنفين اللذين {أَضَلَّـٰنَا} يعني: استنا ضلالتنا {مِّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ} ويقال: جهلانا حتى نسينا الآخرة، ثم قال {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ} في النار، ويقال: من الجن، ويقال: يعني: إبليس هو الذي أضلنا، ومن الإنس يعني ابن آدم الذي قتل أخاه، ويقال يعني رؤساؤهم في الضلالة، كقوله:
{ { رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا } [الأحزاب: 67] الآية، قرأ ابن كثير وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر (أَرْنَا) بجزم الراء، والباقون بالكسر ومعناهما واحد.