خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢١
تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ
٢٢
ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ
٢٣
-الشورى

بحر العلوم

قوله عز وجل: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء } يعني ألهم آلهة دوني { شَرَعُواْ لَهُمْ مّنَ ٱلدّينِ } أي بينوا لهم من الدين { مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } يعني ما لم يأمر به، ويقال معناه: ألهم آلهة ابتدعوا لهم من الدين أي من الشريعة والطريقة، ويقال سنوا لهم ما لم يأذن به الله، يعني ما لم ينزل به الله من الكتاب والدين { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ } يعني القضاء الذي سبق ألا يعذب هذه الأمة، ويؤخر عذابهم إلى الآخرة { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } يعني أنزل بهم العذاب في الدنيا { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني المشركين { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة قوله تعالى { تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني ترى الكافرين يوم القيامة { مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ } يعني خائفين مما عملوا في الدنيا { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } يعني نازل بهم ما كانوا يحذرون { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } يعني الذين صدقوا بالتوحيد، وأدوا الفرائض والسنن { فِى رَوْضَـٰتِ ٱلْجَنَّـٰتِ } يعني في بساتين الجنة { لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ عِندَ رَبّهِمْ } من الكرامة { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } يعني: المن العظيم قوله تعالى: { ذَلِكَ ٱلَّذِى يُبَشّرُ ٱللَّهُ } يعني ذلك الثواب الذي يبشر الله { عِبَادِهِ } في الدنيا، قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو (يَبْشُر) بنصب الياء وجزم الباء وضم الشين مع التخفيف، والباقون بالتشديد وقد ذكرناه { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } يعني يبشرهم بتلك الجنة، وبذلك الثواب ثم قال { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } يعني قل يا محمد لأهل مكة لا أسألكم عليه أجراً أي على ما جئتكم به أجراً { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } قال مقاتل يعني إلا أن تصلوا قرابتي، وتكفوا عني الأذى، ثم نسخ بقوله: { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْر فَهُوَ لَكُمْ } ويقال { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } يعني إلاَّ ألاَّ تؤذونني بقرابتي منكم، قال ابن عباس ليس حي من أحياء العرب إلا وللنبي - عليه السلام - فيه قرابة، وقال الحسن: إلا المودة في القربى، يعني إلا أن تتوددوا إلى الله تعالى بما يقربكم منه، وهكذا قال مجاهد، وقال سعيد بن جبير: إلا المودة في القربى، يعني: إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم ثم قال { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } يعني يكتسب حسنة { نَزِدْ فِيهَا حُسْناً } يعني للواحد عشرة، ويقال: نزد له التوفيق في الدنيا، ونضاعف له الثواب في الآخرة { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } يعني غفور لمن تاب، شكور يقبل اليسير ويعطي الجزيل.