قوله عز وجل: { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبّكُمْ } يعني أجيبوا ربكم في الإيمان، وفيما أمركم به { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ } يعني لا رجعة له إذا جاء لا يقدر أحد على دفعه { مِنَ ٱللَّهِ } ويقال فيه تقديم: يعني من قبل أن يأتي من عذاب الله يوم لا مرد له، يعني لا مدفع له { مَا لَكُمْ مّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ } يعني ما لكم من مفر ولا حرز يحرزكم من عذابه { وَمَا لَكُمْ مّن نَّكِيرٍ } يعني من مغير يغير العذاب عنكم قوله عز وجل { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } عن الإيمان وعن الإجابة بعد ما دعوتهم { فَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } تحفظهم على الإيمان، وتجبرهم على ذلك { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ } يعني ليس عليك إلا تبليغ الرسالة، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ثم قال { وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا ٱلإنسَـٰنَ مِنَّا رَحْمَةً } يعني أصبنا الإنسان منا رحمة { فَرِحَ بِهَا } أي بطر بالنعمة، قال بعضهم: يعني أبا جهل، وقال بعضهم: جميع الناس، والإنسان هو لفظ الجنس وأراد به جميع الكافرين بدليل أنه قال { وَإِن تُصِبْهُمْ } ذكر بلفظ الجماعة يعني إن تصبهم { سَيّئَةٌ } يعني القحط والشدة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } يعني بما عملوا من المعاصي { فَإِنَّ ٱلإنسَـٰنَ كَفُورٌ } لنعم الله، يعني يشكو ربه عند المصيبة، ولا يشكره عند النعمة قوله تعالى { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } يعني القدرة على أهل السماوات والأرض { يَخْلُقُ مَا يَشَاء } على أي صورة شاء { يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـٰثاً } يعني من يشاء الأولاد الإناث فلا يجعل معهن ذكوراً { وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء ٱلذُّكُورَ } يعني يعطي من يشاء الأولاد الذكور ولا يكون معهم إناث { أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـٰثاً } يعني يعطي من يشاء الأولاد الذكور والإناث { وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً } فلا يعطيه شيئاً من الولد، ويقال: { يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـٰثاً } كما وهب للوط النبي { وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء ٱلذُّكُورَ } كما وهب لإبراهيم - عليه السلام - { أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـٰثاً } كما جعل للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما وهب ليعقوب - عليه السلام - { وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً } كما جعل ليحيى وعيسى - عليهما السلام - { إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } يعني عالم بما يصلح لكل واحد منهم، قادر على ذلك.