خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٨
هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٩
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ
٣٠
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٣١
-الجاثية

بحر العلوم

{ وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } يعني مجتمعة للحساب على الركب { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَـٰبِهَا } يعني إلى ما في كتابها من خير أو شر، وهذا كقوله { { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَـٰمِهِمْ } [الإسراء: 71] يعني بكتابهم { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني يقال لهم اليوم تثابون بما كنتم تعملون في الدنيا من خير أو شر قوله تعالى { هَـٰذَا كِتَـٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم } يعني هذا الذي كتب عليكم الحفظة { يَنطِقُ عَلَيْكُم } { بِٱلْحَقِّ } يعني يشهد عليكم بالحق { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني نستنسخ عملكم من اللوح المحفوظ، نسخة أعمالكم، { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } من الحسنات والسيئات، قال أبو الليثرحمه الله حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الماسرخسي قال حدثنا إسحاق قال حدثنا بقية بن الوليد قال حدثنا أرطأة بن المنذر قال عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "أول ما خلق الله القلم فكتب ما يكون في الدنيا من عملٍ معمولٍ براً وفاجراً، وأحصاه في الذكر، فاقرؤوا إن شئتم { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فهل يكون النسخ إلا من شيءٍ قد فرغ منه" .

وروى الضحاك عن ابن عباس أن الله تعالى وكل ملائكته يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام في شهر رمضان ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة، فيعارضون به حفظة الله تعالى على عبادة كل عشية خميس، فيجدون ما رفع الحفظة موافقاً لما في كتابهم ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ألستم قوماً عرباً، هل يكُون النَّسخ إِلاَّ مِن أَصْل كَان قَبْل ذَلِكَ وقال القتبي (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ) قال: إن الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد ثم يقابلونه بما في أم الكتاب فما فيه من ثواب أو عقاب أثبت، وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محي، فذلك قوله: { { يَمْحُو ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [الرعد: 39] الآية، وقال الكلبي يرفعان ما كتبا فينسخان ما فيها من خير أو شر، ويطرح ما سوى ذلك، قوله تعالى { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } وقد ذكرناه قوله عز وجل { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني جحدوا بالكتاب والرسل والتوحيد يقال لهم { أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } يعني تقرأ عليكم في الدنيا { فَٱسْتَكْبَرْتُمْ } يعني تكبرتم عن الإيمان والقرآن { وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } يعني مشركين كافرين بالرسل والكتب.