خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ
١٥
يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
١٦
لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٧
-المائدة

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { يَا أهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا } يعني محمد - صلى الله عليه وسلم - { يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني يكتمون ما بين في التوراة، وذلك أنهم كتموا آية الرجم، وتحريم الخمر، وأكل الربا، ونعت محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } يعني يتجاوز عن كثير، ولا يخبركم به وذكر أن رجلاً من أحبارهم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: ما هذا الذي عفوت عنا؟ فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه - صلى ولم يبين، وإنما أراد اليهودي أن يظهر مناقضة كلامه، أنه لم يترك شيئاً، وقد بينه كله فلما لم يبين له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قام من عنده وذهب وقال لأصحابه: أرى أنه صادق فيما يقول، لأنه كان وجد في كتابه، أنه لا يبين له ما سأله. ثم قال تعالى: { قَدْ جَاءكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ } يعني ضياء من الضلالة وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن والنور هو الذي يبين الأشياء، ويرى الأبصار حقيقتها، فيسمى القرآن نوراً، لأنه يقع في القلوب مثل النور، لأنه إذا وقع في قلبه يبصر به، ثم قال: { وَكِتَـٰبٌ مُّبِينٌ } يعني القرآن يبين لكم الحق من الباطل. قوله تعالى: { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ } يعني بالقرآن { مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ } يعني مَنْ طلب الحق ورغب فيه، { سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } يعني دين الله الإسلام، والسبل، جماعة السبيل، وهو الطريق، يعني به طريق الهدى، والسلام اسم من أسماء الله تبارك وتعالى، يعني هو دين الله وتعالى. ثم قال: { وَيُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ } يعني يخرج من قلوبهم حلاوة الكفر، ويدخل فيها حلاوة الإيمان ويوفقهم لذلك { وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } يعني يوفقهم إلى دين الإسلام قوله تعالى: { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } ثم قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } يقول: من يقدر أن يمنع من عذاب الله شيئاً { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ، وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } يعني لو أراد الله أن يهلك عيسى وأمه وجميع الخلق، ولا يقدر عيسى على رد ذلك. فكيف يكون إلهاً وهو لا يقدر على دفع الهلاك عن نفسه، ثم قال: { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } يعني خزائن السموات والأرض، وجميع الخلق عبيده وإماؤه، وحكمه نافذ فيهم، ثم قال: { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } لأن نصارى أهل نجران كانوا يقولون: لو كان عيسى بشراً كان له أب، فأخبر الله تعالى على أنه قادر على أن يخلق خلقاً بغير أب. { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من خلق عيسى وغيره.